ثم توافى السبعون ومعهم امرأتان، قال أسعد بن زرارة: فكان أول من تكلم العباس بن عبد المطلب فقال: يا معشر الخزرج إنكم قد دعوتم محمداً إلى ما دعوتموه إليه، ومحمد من أعز الناس في عشيرته، يمنعه والله منا من كان على قوله، ومن لم يكن منا على قوله يمنعه للحسب والشرف، وقد أبى محمد الناس كلهم غيركم، فإن كنتم أهل قوة وجلد وبصر بالحرب واستقلال بعداوة العرب قاطبة ترميكم عن قوس واحدة، فارتأوا رأيكم وأتمروا بينكم ولا تفترقوا إلا عن ملإ منكم واجتماع، فإن أحسن الحديث أصدقه، فقال البراء بن معرور: قد سمعنا ما قلت وإنا والله لو كان في أنفسنا غير ما تنطق به لقلناه ولكنا نريد الوفاء والصدق وبذل مهج أنفسنا دون رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: وتلا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عليهم القرآن ثم دعاهم إلى الله ورغبهم في الإسلام وذكر الذي اجتمعوا له، فأجابه البراء ابن معرور بالإيمان والتصديق ثم قال: يا رسول الله بايعنا فنحن أهل الحلقة ورثناها كابراً عن كابر، ويقال إن أبا الهيثم بن التيهان كان أول من تكلم وأجاب إلى ما دعا إليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وصدقه، وقالوا: نقبله على مصيبة الأموال وقتل الأشراف، ولغطوا، فقال العباس بن عبد المطلب وهو آخذ بيد رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أخفوا جرسكم فإن علينا عيوناً، وقدموا ذوي أسنانكم، فيكونون هم الذين يلون كلامنا منكم، فإنا نخاف قومكم عليكم، ثم إذا بايعتم فتفرقوا إلى محالكم، فتكلم البراء بن معرور فأجاب العباس بن عبد المطلب، ثم قال: ابسط يدك يا رسول الله، فكان أول من ضرب على يد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، البراء بن معرور، ويقال أول من ضرب على يده أبو الهيثم بن التيهان، ويقال أسعد بن زرارة، ثم ضرب السبعون كلهم على يده وبايعوه، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إن موسى أخذ من بني إسرائيل اثني عشر نقيباً فلا يجدن منكم أحد في نفسه أن يؤخذ