يحيى يسائلني عن حديث كذا وحديث كذا فأجيب فيما يسألني، والقوم سكوت ما يتكلم أحد منهم بشيء. فلما حضرت المغرب تقدم يحيى فصلى، ثم أحضر الطعام فتعشينا، ثم صلى بنا يحيى عشاء الآخرة وأخذنا مجالسنا، فلم نزل في مذاكرة، وجعل يحيى يسأل بعض القوم فينقطع. فلما كان وقت الانصراف انصرف القوم وانصرفت معهم فإذا الرسول قد لحقني فقال: إن الوزير يأمرك أن تصير إليه في كل يوم في الوقت الذي جئت فيه يومك هذا. وناولني كيسا. فانصرفت ومعي رسول الحاجب حتى صرت إلى أصحابي وأصبت سراجا عندهم فدفعت الكيس إلى القوم فكانوا به أشد سرورا مني. فلما كان الغد قلت لهم: أعدوا لي منزلا بالقرب منكم واشتروا لي جارية وغلاما خبازا وأثاثا ومتاعا. فلم أصل الظهر إلا وقد أعدوا لي ذلك، وسألتهم أن يكون إفطارهم عندي فأجابوا إلى ذلك بعد صعوبة شديدة. فلم أزل آتي يحيى بن خالد في كل ليلة في الوقت كلما رآني ازداد سرورا. فلم يزل يدفع إلي في كل ليلة خمسمائة دينار حتى كان ليلة العيد فقال لي: يا أبا عبد الله تزين غدا لأمير المؤمنين بأحسن زي من زي القضاة، واعترض له فإنه سيسألني عن خبرك فأخبره. فلما كان صبيحة يوم العيد خرجت في أحسن زي، وخرج الناس، وخرج أمير المؤمنين إلى المصلى، فجعل أمير المؤمنين يلحظني، فلم أزل في الموكب. فلما كان بعد انصرافه صرت إلى باب يحيى بن خالد ولحقنا يحيى بعد دخول أمير المؤمنين منزله فقال لي: يا أبا عبد الله ادخل بنا. فدخلت ودخل القوم فقال لي: يا أبا عبد الله ما زال أمير المؤمنين يسألني عنك فأخبرته بخبر حجنا وأنك الرجل الذي سايرته تلك الليلة، وأمر لك بثلاثين ألف درهم، وأنا متنجزها لك غدا إن شاء الله. ثم انصرفت يومي ذلك فدخلت من الغد على يحيى بن خالد فقلت: أصلح الله الوزير، حاجة عرضت وقد قضيت على الوزير أعزه الله بقضائها. فقال لي: وما ذلك؟ فقلت: الإذن إلى منزلي