وشهد شهادة الحق وقال: لو كنت أستطيع أن آتيه لأتيته، وكتب إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بإجابته وتصديقه وإسلامه، على يدي جعفر بن أبي طالب، لله رب العالمين؛ وفي الكتاب الآخر يأمره أن يزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب، وكانت قد هاجرت إلى أرض الحبشة مع زوجها عبيد الله بن جحش الأسدي فتنصر هناك ومات، وأمره رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في الكتاب أن يبعث إليه بمن قبله من أصحابه ويحملهم، ففعل، فزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان وأصدق عنه أربعمائة دينار، وأمر بجهاز المسلمين وما يصلحهم، وحملهم في سفينتين مع عمرو بن أمية الضمري، ودعا بحق من عاج فجعل فيه كتابي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقال: لن تزال الحبشة بخير ما كان هذان الكتابان بين أظهرها.
قالوا: وبعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، دحية بن خليفة الكلبي، وهو أحد الستة، إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام وكتب معه كتاباً وأمره أن يدفعه إلى عظيم بصرى ليدفعه إلى قيصر، فدفعه عظيم بصرى إليه وهو يومئذ بحمص، وقيصر يومئذ ماش في نذر كان عليه: إن ظهرت الروم على فارس أن يمشي حافياً من قسطنطينية إلى إيلياء، فقرأ الكتاب وأذن لعظماء الروم في دسكرة له بحمص فقال: يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد، وأن يثبت لكم ملككم وتتبعون ما قال عيسى بن مريم؟ قالت الروم: وما ذاك أيها الملك؟ قال تتبعون هذا النبي العربي، قال: فحاصوا حيصة حمر الوحش وتناحزوا ورفعوا الصليب، فلما رأى هرقل ذلك منهم يئس من إسلامهم وخافهم على نفسه وملكه فسكنهم ثم قال: إنما قلت لكم ما قلت أختبركم لأنظر كيف صلابتكم في دينكم، فقد رأيت منكم الذي أحب، فسجدوا له.
قالوا: وبعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عبد الله بن حذافة السهمي، وهو أحد الستة، إلى كسرى يدعوه إلى الإسلام وكتب معه كتاباً