ابن غزوان قد حضر مع سعد بن أبي وقاص حين هزم الأعاجم، فكتب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص أن يضرب قيروانه بالكوفة، وأن ابعث عتبة بن غزوان إلى أرض الهند فان له من الإسلام مكانا. وقد شهد بدرا وقد رجوت جزءه عن المسلمين والبصرة تسمى يومئذ أرض الهند فينزلها ويتخذ بها للمسلمين قيروانا ولا يجعل بيني وبينهم بحرا، فدعا سعد بن أبي وقاص عتبة بن غزوان وأخبره بكتاب عمر فأجاب وخرج من الكوفة في ثماني مائة رجل، فساروا حتى نزلوا البصرة، وانما سميت البصرة بصرة لأنها كانت فيها حجارة سود، فلما نزلها عتبة بن غزوان ضرب قيروانه ونزلها وضرب المسلمون أخبيتهم وخيامهم، وضرب عتبة بن غزوان خيمة له من أكسية ثم رمى عمر بن الخطاب بالرجال، فلما كثروا بنى رهط منهم فيها سبع دساكر من لبن منها في الخريبة اثنتان وفي الزأبوقة واحدة وفي بني تميم اثنتان وفي الأزد اثنتان، ثم إن عتبة خرج إلى فرات البصرة ففتحه ثم رجع إلى البصرة. وقد كان أهل البصرة يغزون جبال فارس مما يليها. وجاء كتاب عمر بن الخطاب إلى عتبة بن غزوان أن أنزلها بالمسلمين فيكونوا بها وليغزوا عدوهم من قريب. وكان عتبة خطب الناس وهي أول خطبة خطبها بالبصرة فقال: الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأومن به وأتوكل عليه، وأشهد أن لا اله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله. أما بعد أيها الناس فإن الدنيا قد ولت حذاء وآذنت أهلها بوداع فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء، ألا وإنكم تاركوها لا محالة فاتركوها بخير ما بحضرتكم. ألا وإن من العجب أن يؤتى بالحجر الضخم فيلقى من شفير جهنم، فيهوي سبعين عاما، حتى يبلغ قعرها، والله لتملأن. ألا وإن من العجب أن للجنة سبعة أبواب عرض ما بين جانبي الباب مسيرة خمسين عاما، وأيم الله لتأتين عليها ساعة وهي كظيظة من الزحام. ولقد رأيتني مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سابع سبعة ما لنا طعام إلا ورق البشام وشوك القتاد