فقالوا: هذا حنيفة النعم أكثر الناس بعيرا بالبادية، قال: فمن هذان حواليه؟ قالوا: أما الذي عن يمينه فابنه حذيم الأكبر ولا نعرف الذي عن يساره، قال: فلما جاؤوا النبي، صلى الله عليه وسلم، سلم حنيفة على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثم سلم حذيم فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: ما رفعك إلينا يا أبا حذيم؟ قال: هذا رفعني، وضرب فخذ حذيم، فقال: أوليس هذا حذيم؟ قال: بلى، قال: يا رسول الله إني رجل كثير المال علي ألف بعير وأربعون من الخيل سوى أموالي في البيوت فخشيت أن تفجئني الموت أوامر الله فأردت أن أوصي فأوصيت بمائة من الإبل من التي كنا نسمي المطيبة في الجاهلية صدقة على يتيمي هذا في حجرته، قال: فرأيت الغضب في وجه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى جثا على ركبتيه، ثم قال: لا إله إلا الله، إنما الصدقة خمس، فإن لا فعشر، فإن لا فخمس عشرة، فإن لا فعشرون، فإن لا فخمس وعشرون، فإن لا فثلاثون، فإن كثرت فأربعون، قال: فبادره حنيفة فقال: يا رسول الله إني أنشدك الله إنها أربعون من التي كنا نسمي المطيبة في الجاهلية، قال: فودعه حنيفة وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: فأين يتيمك يا أبا حذيم؟ قال: هو ذاك النائم، وكان يشبه المحتلم، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: لعظمت هذه هراوة يتيم! قال: ثم إن حنيفة وبنيه قاموا إلى أباعرهم، قال: فقال حذيم: يا رسول الله إن لي بنين كثيرة منهم ذو لحى ومنهم دون ذلك، قال: حنظلة وأنا أصغرهم فشمت عليه يا رسول الله، فقال: ادن يا غلام، فدنا منه فوضع يده على رأسه وقال: بارك الله فيك! قال الذيال: فرأيت حنظلة يؤتى بالرجل الوارم وجهه وبالشاة الورم ضرعها فيتفل في كفه ثم يضعها على صلعته، ثم يقول: بسم الله على أثر يد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ثم يمسح الورم فيذهب.