فلما قدما عليها جلست في بيتها وأذنت له أن يدخل، فقال أبو أسيد: إن نساء رسول الله لا يراهن أحد من الرجال، فقال أبو أسيد: وذلك بعد أن نزل الحجاب، فأرسلت إليه فيسرني لأمري، قال: حجاب بينك وبين من تكلمين من الرجال إلا ذا محرم منك. ففعلت. قال أبو أسيد: فأقمت ثلاثة أيام ثم تحملت معي على جمل ظعينة في محفة فأقبلت بها حتى قدمت المدينة فأنزلتها في بني ساعدة فدخل عليها نساء الحي فرحبن بها وسهلن وخرجن من عندها فذكرن من جمالها، وشاع بالمدينة قدومها. قال أبو أسيد: ووجهت إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وهو في بني عمرو بن عوف فأخبرته، ودخل عليها داخل من النساء فدأين لها لما بلغهن من جمالها وكانت من أجمل النساء، فقالت: إنك من الملوك فإن كنت تريدين أن تحظي عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فإذا جاءك فاستعيذي منه فإنك تحظين عنده ويرغب فيك.
أخبرنا محمد بن عمر قال: فحدثني موسى بن عبيدة عن عمر بن الحكم عن أبي أسيد الساعدي قال: بعثني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى الجونية فحملتها، وكانوا يكونون بناحية نجد، حتى نزلت بها في أطم بني ساعدة ثم جئت إلى رسول الله فأخبرته بها فخرج رسول الله يمشي على رجليه حتى جاءها فأقعى على ركبتيه ثم أهوى إليها ليقبلها، وكذلك كان يصنع إذا اجتلى النساء، فقالت: أعوذ بالله منك. فانحرف رسول الله عنها وقال لها: لقد استعذت معاذا. ووثب عنها وأمرني فرددتها إلى قومها.
أخبرنا محمد بن عمر، حدثني عبد الله بن جعفر عن عمرو بن صالح عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال: الجونية استعاذت من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وقيل لها هو أحظى لك عنده. ولم تستعذ منه امرأة غيرها وإنما خدعت لما رؤي من جمالها وهيئتها، ولقد ذكر لرسول الله من حملها على ما قالت: لرسول الله فقال رسول الله: إنهن صواحب يوسف