عليه من صير الباب وإنه لفي الحديد ما أعلم في الأرض حبة عنب تؤكل وإن في يده لقطف عنب مثل رأس الرجل يأكل منه وما هو إلا رزق الله. وكان خبيب يتهجد بالقرآن فكان يسمعه النساء فيبكين ويرققن عليه. قالت فقلت له: يا خبيب هل لك من حاجة؟ فقال: لا إلا أن تسقيني العذب ولا تطعميني ما ذبح على النصب وتخبريني إذا أرادوا قتلي. فلما انسلخت الأشهر الحرم وأجمعوا على قتله أتيته فأخبرته، فوالله ما رأيته اكترث لذلك وقال: ابعثي إلي بحديدة أستصلح بها. قالت فبعثت إليه بموسى مع ابني أبي حسين، قال وكانت تحضنه ولم يكن ابنها ولادة، قالت فلما ولى الغلام قلت أدرك والله الرجل ثأره، أي شيء صنعت؟ بعثت هذا الغلام بهذه الحديدة فيقتله ويقول رجل برجل. فلما أتاه ابني بالحديدة تناولها منه ثم قال ممازحا له: وأبيك إنك لجريء، أما خشيت أمك غدري حين بعثت معك بحديدة وأنتم تريدون قتلي؟ قالت ماوية: وأنا أسمع ذلك، فقلت: يا خبيب إنما ائتمنتك بأمان الله وأعطيتك بإلهك ولم أعطك لتقتل ابني. فقال خبيب: ما كنت لأقتله وما نستحل في ديننا الغدر. قالت ثم أخبرته أنهم مخرجوه فقاتلوه بالغداة. قالت فأخرجوه في الحديد حتى انتهوا به إلى التنعيم وخرج معه الصبيان والنساء والعبيد وجماعة أهل مكة فلم يتخلف أحد إما موتور فهو يريد أن يتشافى بالنظر من وتره وإما غير موتور فهو مخالف للإسلام وأهله. فلما انتهوا به إلى التنعيم ومعه زيد بن الدثنة أمروا بخشبة طويلة فحفر لها، فلما انتهوا بخبيب إلى خشبته قال: هل أنتم تاركي فأصلي ركعتين؟ قالوا: نعم. فركع ركعتين أتمهما من غير أن يطول فيهما. أخبرنا بهذا كله محمد بن عمر عن رجاله من أهل العلم.