فما بقي إلا في نفير ما يتمون عشرة، وأنا وابناي وزوجي بين يديه نذب عنه، والناس يمرون به منهزمين، ورآني لا ترس معي فرأى رجلا موليا معه ترس فقال: لصاحب الترس: ألق ترسك إلى من يقاتل. فألقى ترسه فأخذته فجعلت أتترس به عن رسول الله. وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل، لو كانوا رجالة مثلنا أصبناهم إن شاء الله، فيقبل رجل على فرس فضربني وتترست له فلم يصنع سيفه شيئا، وولى، وأضرب عرقوب فرسه فوقع على ظهره، فجعل النبي، صلى الله عليه وسلم، يصيح: بابن أم عمارة أمك أمك! قالت فعاونني عليه حتى أوزدته شعوب.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن عمرو بن يحيى عن أمه عن عبد الله بن زيد قال: جرحت يومئذ جرحا في عضدي اليسرى، ضربني رجل كأنه الرقل ولم يعرج علي ومضى عني، وجعل الدم لا يرقأ، فقال رسول الله: اعصب جرحك. فتقبل أمي إلي ومعها عصائب في حقويها قد أعدتها للجراح فربطت جرحي، والنبي واقف ينظر إلي، ثم قالت: انهض بني فضارب القوم. فجعل النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول: ومن يطيق ما تطيقين يا أم عمارة! قالت: وأقبل الرجل الذي ضرب ابني، فقال رسول الله: هذا ضارب ابنك. قالت فأعترض له فأضرب ساقه فبرك. قالت فرأيت رسول الله يتبسم حتى رأيت نواجذه وقال: استقدت يا أم عمارة. ثم أقبلنا نعله بالسلاح حتى أتينا على نفسه. فقال: النبي، صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي ظفرك وأقر عينك من عدوك وأراك ثأرك بعينك.
أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة عن الحارث بن عبد الله قال: سمعت عبد الله بن زيد بن عاصم يقول: شهدت أحدا مع رسول الله، فلما تفرق الناس عنه دنوت منه أنا وأمي نذب عنه، فقال: ابن أم عمارة؟