بالجحفة، فمضى معهم فجرح يوم بدر جراحات وهرب على قدميه، ورجعت بنو زهرة من الجحفة، وأشار عليهم بذلك الأخنس بن شريق الثقفي، وكان حليفا لهم، وكان فيهم مطاعا، وكان اسمه أبي. فلما رجع ببني زهرة قيل: خنس بهم، فسمي الأخنس. وكان بنو زهرة يومئذ مائة رجل، وقال بعضهم: بل كانوا ثلاثمائة رجل. وكانت بنو عدي بن كعب مع النفير، فلما بلغوا ثنية لفت عدلوا في السحر إلى الساحل منصرفين إلى مكة، فصادفهم أبو سفيان بن حرب فقال: يا بني عدي، كيف رجعتم لا في العير ولا في النفير؟ فقالوا: أنت أرسلت إلى قريش أن ترجع. ويقال بل لقيهم بمر الظهران، فلم يشهد بدرا من المشركين أحد من بني زهرة ولا من بني عدي. ومضى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى إذا كان دون بدر أتاه الخبر بمسير قريش، فأخبر به رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أصحابه واستشارهم، فقال: المقداد بن عمرو البهراني: والذي بعثك بالحق، لو سرت بنا إلى برك الغماد لسرنا معك حتى ننتهي إليه. ثم قال: رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أشيروا علي، وإنما يريد الأنصار. فقام سعد بن معاذ فقال: أنا أجيب عن الأنصار، كأنك يا رسول الله تريدنا؟ قال: أجل. قال: فامض يا نبي الله لما أردت، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت هذا البحر فخضته لخضناه معك ما بقي منا رجل واحد. فقال: رسول الله، صلى الله عليه وسلم: سيروا على بركة الله، فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، فوالله لكأني أنظر إلى مصارع القوم. وعقد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يومئذ الألوية، وكان لواء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يومئذ الأعظم لواء المهاجرين مع مصعب بن عمير، ولواء الخزرج مع الحباب بن المنذر، ولواء الأوس مع سعد بن معاذ، وجعل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، شعار المهاجرين: يا بني عبد الرحمن، وشعار الخزرج: يا بني عبد الله، وشعار الأوس: يا بني عبيد الله، ويقال: بل كان شعار المسلمين جميعا يومئذ: يا منصور أمِتْ.