للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من حضر بدرا من المشركين إلى مكة وجدوا العير التي قدم بها أبو سفيان بن حرب موقوفة في دار الندوة، فمشت أشراف قريش إلى أبي سفيان فقالوا: نحن طيبو أنفس إن تجهزوا بربح هذه العير جيشا إلى محمد، فقال أبو سفيان: وأنا أول من أجاب إلى ذلك وبنو عبد مناف معي؛ فباعوها فصارت ذهبا فكانت ألف بعير والمال خمسين ألف دينار، فسلم إلى أهل العير رؤوس أموالهم وأخرجوا أرباحهم، وكانوا يربحون في تجارتهم للدينار دينارا، وفيهم نزلت: إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله؛ وبعثوا رسلهم يسيرون في العرب يدعونهم إلى نصرهم، فأوعبوا وتألب من كان معهم من العرب وحضروا، فأجمعوا على إخراج الظعن، يعني النساء، معهم ليذكرنهم قتلى بدر فيحفظنهم فيكون أحد لهم في القتال. وكتب العباس بن عبد المطلب بخبرهم كله إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأخبر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سعد بن الربيع بكتاب العباس، وأرجف المنافقون واليهود بالمدينة، وخرجت قريش من مكة ومعهم أبو عامر الفاسق، وكان يسمى قبل ذلك الراهب، في خمسين رجلا من قومه، وكان عددهم ثلاثة آلاف رجل فيهم سبعمائة دارع، ومعهم مائتا فرس وثلاثة آلاف بعير، والظعن خمس عشرة امرأة، وشاع خبرهم ومسيرهم في الناس حتى نزلوا ذا الحليفة، فبعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عينين له أنسا ومؤنسا ابني فضالة الظفريين، ليلة الخميس لخمس ليال مضين من شوال، فأتيا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بخبرهم وأنهم قد خلوا إبلهم وخيلهم في الزرع الذي بالعريض حتى تركوه ليس به خضراء، ثم بعث الحباب بن المنذر بن الجموح إليهم أيضا فدخل فيهم فحزرهم وجاءه بعلمهم، وبات سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وسعد بن عبادة، في عدة ليلة الجمعة، عليهم السلاح في المسجد بباب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وحرست المدينة حتى أصبحوا. ورأى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تلك الليلة كأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>