صلى الله عليه وسلم، فأهدى له فلم يقبل منه وعرض عليه الإسلام فلم يسلم ولم يبعد وقال: لو بعثت معي نفرا من أصحابك إلى قومي لرجوت أن يجيبوا دعوتك ويتبعوا أمرك، فقال: إني أخاف عليهم أهل نجد. فقال: أنا لهم جار إن يعرض لهم أحد. فبعث معه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سبعين رجلا من الأنصار شببة يسمون القراء وأمر عليهم المنذر بن عمرو الساعدي، فلما نزلوا ببئر معونة، وهو ماء من مياه بني سليم وهو بين أرض بني عامر وأرض بني سليم، كلا البلدين يعد منه وهو بناحية المعدن، نزلوا عليها وعسكروا بها وسرحوا ظهورهم وقدموا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى عامر بن الطفيل فوثب على حرام فقتله واستصرخ عليهم بني عامر فأبوا وقالوا: لا يخفر جوار أبي براء، فاستصرخ عليهم قبائل من سليم عصية ورعلا وذكوان فنفروا معه ورأسوه. واستبطأ المسلمون حراما فأقبلوا في أثره فلقيهم القوم فأحاطوا بهم فكاثروهم فتقاتلوا فقتل أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وفيهم سليم بن ملحان والحكم بن كيسان في سبعين رجلا، فلما أحيط بهم قالوا: اللهم إنا لا نجد من يبلغ رسولك منا السلام غيرك فأقرئه منا السلام. فأخبره جبرائيل، صلى الله عليه وسلم، بذلك فقال: وعليهم السلام؛ وبقي المنذر بن عمرو فقالوا: إن شئت آمناك، فأبى وأتى مصرع حرام فقاتلهم حتى قتل فقال: رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أعنق ليموت، يعني أنه تقدم على الموت وهو يعرفه، وكان معهم عمرو بن أمية الضمري فقتلوا جميعا غيره، فقال عامر بن الطفيل: قد كان على أمي نسمة فأنت حر عنها، وجز ناصيته. وفقد عمرو بن أمية عامر بن فهيرة من بين القتلى فسأل عنه عامر بن الطفيل فقال: قتله رجل من بني كلاب يقال له جبار بن سلمى، لما طعنه قال: فزت والله! ورفع إلى السماء علوا. فأسلم جبار بن سلمى لما رأى من قتل عامر بن فهيرة ورفعه وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إن الملائكة وارت جثته وأنزل عليين.