فصلى فيها ركعتين وخرج فأخذ بعضادتي الباب والمفتاح معه، وقد لبط بالناس حول الكعبة، فخطب الناس يومئذ ودعا عثمان بن طلحة فدفع إليه المفتاح وقال: خذوها يا بني أبي طلحة تالدة خالدة لا ينزعها منكم أحد إلا ظالم! ودفع السقاية إلى العباس بن عبد المطلب وقال: أعطيتكم ما ترزأكم ولا ترزؤونها! ثم بعث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، تميم بن أسد الخزاعي فجدد أنصاب الحرم. وحانت الظهر فأذن بلال فوق ظهر الكعبة وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا تغزى قريش بعد هذا اليوم إلى يوم القيامة! يعني على الكفر. ووقف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالحزورة وقال: إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلي، يعني مكة، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت. وبث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، السرايا إلى الأصنام التي حول الكعبة فكسرها، منها: العزى ومناة وسواع وبوانة وذو الكفين. فنادى مناديه بمكة: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنما إلا كسره. ولما كان من الغد من يوم الفتح خطب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعد الظهر فقال: إن الله قد حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام إلى يوم القيامة ولم تحل لي إلا ساعة من نهار ثم رجعت كحرمتها بالأمس، فليبلغ شاهدكم غائبكم، ولا يحل لنا من غنائمها شيء. وفتحها يوم الجمعة لعشر بقين من شهر رمضان وأقام بها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خمس عشرة ليلة يصلي ركعتين، ثم خرج إلى حنين، واستعمل على مكة عتاب بن أسيد يصلي بهم ومعاذ بن جبل يعلمهم السنن والفقه.
أخبرنا محمد بن عبيد الطنافسي قال: أخبرنا محمد بن إسحاق عن محمد بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن بن عباس قال: خرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في عشر مضين من رمضان عام الفتح من المدينة فصام حتى إذا كان بالكديد أفطر فكانوا يرون أنه الآخر من أمر رسول