للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأتمون برسول الله، صلى الله عليه وسلم، في حجته ولم يحج غيرها منذ تنبئ إلى أن توفاه الله. وكان بن عباس يكره أن يقال حجة الوداع ويقول حجة الإسلام، فخرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من المدينة مغتسلا متدهنا مترجلا متجردا في ثوبين صحاريين إزار ورداء، وذلك يوم السبت لخمس ليال بقين من ذي القعدة، فصلى الظهر بذي الحليفة ركعتين وأخرج معه نساءه كلهن في الهوادج. وأشعر هديه وقلده ثم ركب ناقته، فلما استوى عليها بالبيداء أحرم من يومه ذلك، وكان على هديه ناجية بن جندب الأسلمي واختلف علينا فيما أهل به: فأهل المدينة يقولون أهل بالحج مفردا، وفي رواية غيرهم أنه قرن مع حجته عمرة، وقال بعضهم دخل مكة متمتعا بعمرة ثم أضاف إليها حجة، وفي كل رواية، والله أعلم. ومضى يسير المنازل ويؤم أصحابه في الصلوات في مساجد له قد بناها الناس وعرفوا مواضعها، وكان يوم الإثنين بمر الظهران فغربت له الشمس بسرف ثم أصبح فاغتسل ودخل مكة نهارا، وهو على راحلته القصواء، فدخل من أعلى مكة من كداء حتى انتهى إلى باب بني شيبة، فلما رأى البيت رفع يديه فقال: اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة، وزد من عظمه ممن حجه واعتمره تشريفا وتكريما ومهابة وتعظيما وبرا.

ثم بدأ فطاف بالبيت ورمل ثلاثة أشواط من الحجر إلى الحجر، وهو مضطبع بردائه، ثم صلى خلف المقام ركعتين، ثم سعى بين الصفا والمروة على راحلته من فوره ذلك.

وكان قد اضطرب بالأبطح فرجع إلى منزله. فلما كان قبل يوم التروية بيوم خطب بمكة بعد الظهر، ثم خرج يوم التروية إلى منى فبات بها، ثم غدا إلى عرفات فوقف بالهضاب من عرفات وقال: كل عرفة موقف إلا بطن عرنة؛ فوقف على راحلته يدعو، فلما غربت الشمس دفع فجعل

<<  <  ج: ص:  >  >>