للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقبله ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا يتكلم فجعل يرفع يديه إلى السماء ثم يضعهما على أسامة، قال: فعرفت أنه يدعو لي؛ ورجع أسامة إلى معسكره ثم دخل يوم الإثنين وأصبح رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مفيقا، صلوات الله عليه وبركاته، فقال له: اغد على بركة الله! فودعه أسامة وخرج إلى معسكره فأمر الناس بالرحيل؛ فبينا هو يريد الركوب إذا رسول أمه أم أيمن قد جاءه يقول: إن رسول الله يموت! فأقبل وأقبل معه عمر وأبو عبيدة فانتهوا إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو يموت فتوفي، صلى الله عليه صلاة يحبها ويرضاها، حين زاغت الشمس يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، ودخل المسلمون الذين عسكروا بالجرف إلى المدينة ودخل بريدة بن الحصيب بلواء أسامة معقودا حتى أتى به باب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فغرزه عنده، فلما بويع لأبي بكر أمر بريدة بن الحصيب باللواء إلى بيت أسامة ليمضي لوجهه، فمضى به بريدة إلى معسكرهم الأول، فلما ارتدت العرب كلم أبو بكر في حبس أسامة فأبى، وكلم أبو بكر أسامة في عمر أن يأذن له في التخلف ففعل. فلما كان هلال شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة خرج أسامة فسار إلى أهل أبنى عشرين ليلة فشن عليهم الغارة، وكان شعارهم: يا منصور أمت! فقتل من أشرف له وسبى من قدر عليه وحرق في طوائفها بالنار وحرق منازلهم وحروثهم ونخلهم فصارت أعاصير من الدخاخين وأجال الخيل في عرصاتهم وأقاموا يومهم ذلك في تعبئة ما أصابوا من الغنائم. وكان أسامة على فرس أبيه سبحة وقتل قاتل أبيه في الغارة وأسهم للفرس سهمين ولصاحبه سهما وأخذ لنفسه مثل ذلك. فلما أمسى أمر الناس بالرحيل ثم أغذ السير فوردوا وادي القرى في تسع ليال، ثم بعث بشيرا إلى المدينة يخبر بسلامتهم، ثم قصد بعد في السير فسار إلى المدينة ستا وما أصيب من المسلمين أحد، وخرج أبو بكر في المهاجرين وأهل المدينة يتلقونهم سرورا بسلامتهم ودخل

<<  <  ج: ص:  >  >>