إلى الشأم فأمر بخبز كثير فخبز له، فحمله في الغرائر على الإبل حتى وافى مكة فهشم ذلك الخبز، يعني كسره وثرده، ونحر تلك الإبل، ثم أمر الطهاة فطبخوا، ثم كفأ القدور على الجفان، فأشبع أهل مكة، فكان ذلك أول الحيا بعد السنة التي أصابتهم فسمي بذلك هاشماً؛ وقال عبد الله بن الزبعرى في ذلك:
عمرو العلى هشم الثريد لقومه … ورجال مكة مسنتون عجاف قال: وأخبرنا هشام بن محمد قال: فحدثني معروف بن الخربوذ المكي قال: حدثني رجل من آل عدي بن الخيار بن عدي بن نوفل بن عبد مناف عن أبيه قال: وقال وهب بن عبد قصي في ذلك:
تحمل هاشم ما ضاق عنه … وأعيا أن يقوم به ابن بيض
أتاهم بالغرائر متأقاتٍ … من أرض الشأم بالبر النفيض
فأوسع أهل مكة من هشيمٍ … وشاب الخبز باللحم الغريض
فظل القوم بين مكللاتٍ … من الشيزاء حائرها يفيض قال: فحسده أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، وكان ذا مال، فتكلف أن يصنع صنيع هاشم فعجز عنه، فشمت به ناس من قريش، فغضب ونال من هاشم، ودعاه إلى المنافرة، فكره هاشم ذلك لسنه وقدره، فلم تدعه قريش وأحفظوه، قال: فإني أنافرك على خمسين ناقة سود الحدق تنحرها ببطن مكة والجلاء عن مكة عشر سنين، فرضي أمية بذلك، وجعلا بينهما الكاهن الخزاعي، فنفر هاشماً عليه، فأخذ هاشم الإبل فنحرها. وأطعمها من حضره، وخرج أمية إلى الشأم فأقام بها عشر سنين، فكانت هذه أول عداوة وقعت بين هاشم وأمية.