للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ في حَلِفِ القَوْلِ

حنث في: لا يكلِّمُه إن كلّمه نائمًا، بشرطِ إيقاظِه

===

فصلٌ في حَلِفِ القول

(حنِث في: لا يكلِّمُه إن كلّمه نائماً) وبه قال الشافعي وأحمد ومالك في رواية (بشرط إيقاظه) أي بتكليمه، لأن النائم كالغائب، فإذا لم ينتبه كان بمنزلة من ناداه من بعيد، بحيث لا يَسمعُ صوتَه فلا يحنث، وإذا انتبه علمنا أنه أسمعه صوتَه، فيكون مكلِّماً له، فإن ناداه نائماً بحيث يسمع لو كان منتبهاً لا يحنث في الأظهر. وقيل: هو على الخلاف، فعند أبي حنيفة يحنث لأنه يجعلُ النائمَ كالمنتبه، وعندهما لا يحنث.

ولو كتب إليه كتاباً، أو أرسل إليه رسولاً لا يحنث، وبه قال الشافعي في الجديد واختاره المُزَنيّ، لأنه لا يُسمى كلاماً في العُرف. وقال مالك وأحمد والشافعي في القديم: يحنث، لأن الله تعالى استثنى الرسالة من الكلام فقال: {وما كان لبَشرٍ أن يُكلِّمَه الله إلا وحياً أو مِنْ وراء حجابٍ أو يُرسلَ رسولاً} (١) والاستثناء إخراج من الجنس. وأُجيبَ بأن مبنى الأَيمان على العرف. والآية جاز أن يكون الاستثناء فيها منقطعاً.

ولو ناداه المحلوفُ عليه فقال: لبيك، يحنث. ولو سلّم في الصلاة والمحلوف عليه معه فيها، قيل: إن كان المحلوف عليه على يمينه لا يحنث، وإن كان على يساره يحنث (٢) ، لأن الأولى واقعة في الصلاة، بخلاف الثانية. وقيل: لا يحنث في المسألتين وهو الصحيح، لأنه من أفعال الصلاة وليس بكلام عُرفاً. وإن كان الحالف مقتدياً فعلى هذا التفصيل عندهما. وعند محمد يحنث، سواء كان على يمينه أو يساره، بناء على أنه يخرج بسلامِ الإمام عنده، وبه قال مالك. والأظهر عند الشافعي أنه يحنث بالسلام في الصلاة على أي حال كان إلا أن لا ينويه. ولو قرع المحلوف عليه الباب فقال (الحالف (٣) ): من هذا، يحنث. ولو فتح عليه في الصلاة لا يحنث، وخارجها يحنث، كذا أطلقوه. والظاهر أنه يُقيد بما إذا نوى الفتح دون القراءة.


(١) سورة الشورى، الآية: (٥١).
(٢) عبارة المخطوط: "وإن كان على يساره يحنث وعن محمد لا يحنث في التسليمتين … ".
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>