للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كِتَابُ اللَّقيطِ واللُّقَطَةِ والآبِقِ

رَفْعُهُ أَحَبُّ، وَإنْ خِيفَ هَلاكُهُ يجبُ

===

كتاب اللَّقِيطِ واللُّقَطَةِ والآبِقِ

اللَّقِيط لغةً: فعيلٌ بمعنى مفعول، من لقَطَه إذا رفعه من الأرض. وعُرْفا: غَلَب على الصبيّ المنبوذ، لأنه بصدد أن يُلْقَطَ.

وشرعاً: مولودٌ حيّ طرحه أهله خوفاً من العَيْلة (١) أو فراراً من تهمة الزِّنا. سُمِّي بما يؤول أو بما هو مشرفٌ عليه كقوله عليه الصلاة والسَّلام: «من قَتَل قتيلاً فله سَلَبُهُ (٢) » (٣) . ومضيِّعُه آثمٌ، ومحرزه غانمٌ، لِمَا في إحرازه (٤) من إحياء النفس، وفي إهماله من التسبب لهلاكها. وقد قال الله تعالى: {من أَجَل ذلك كَتَبنْاَ على بني إسرائيلَ أنَّه مَنْ قتَل نفساً بغيرِ نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنَّما قَتَلَ النَّاسَ جميعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً} (٥) .

ولذا (رَفْعُهُ) أي اللَّقيط (أَحَبُّ) من تركه إن لم يُخَف هلاكُه بأن كان في مِصْرٍ، لما في رَفْعِه من التَّرحُّم، وفي تركه من عدمه. (وَإِنْ خِيفَ هَلَاكُهُ) بأن كان في مَفَازَةٍ أو بئرٍ أو مَسْبَغَة (٦) (يَجِبُ) صيانةً له عن الهلاك وجوبَ فَرْض الكفاية لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ والتَّقْوَى} (٧) لحصول المقصود بالبعض.

وقال مالك والشَّافعيّ وأحمد: رَفْعُه إن لم يُخَف هلاكُه فرضُ كفاية لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ والتَّقْوَى}، وإنْ خيف فرضُ عينٍ، كمن رأى أعمى يقع في البئر فإنه يُفَترض عليه حِفْظه من الوقوع. كذا ذكروه، وفيه أنّ هذا إذا كان هناك


(١) العَيْلة: الفاقة. مختار الصحاح ص ١٩٥، مادة: (عيل).
(٢) السَّلَبُ: هو ما يأخذه أحد القرْنين في الحرب من قِرْنِه مما يكون عليه ومعه من صلاح وثياب ودابة وغيرها. النهاية (٢/ ٣٨٧). والقرنُ: الكفء والنظير في الشجاعة والحرب. النهاية (٤/ ٥٥).
(٣) صحيح البخاري (فتح الباري) ٦/ ٢٤٧ كتاب فرض الخمس (٥٧)، باب من لم يُخمس الأسلاب … (١٨)، رقم (٣١٤٢). وصحيح مسلم ٣/ ١٣٧٠ - ١٣٧١، كتاب الجهاد والسير (٣٢)، باب: استحقاق القاتل سلب القتيل (١٣)، رقم (٤١ - ١٧٥١).
(٤) في المطبوع: إبرازه، والمثبت من المخطوط.
(٥) سورة المائدة، الآية: (٣٢).
(٦) أرضٌ مَسْبَعَةٌ: أي ذاتٍ سباع. مختار الصحاح ص ١٢٠، مادة: (سبع).
(٧) سورة المائدة، الآية: (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>