للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمَنْ رَأَى شَيْئًا ثُمَّ شَرَى، فَلَهَ الخِيَارُ إنْ تَغَيَّرَ، وَالقَوْلُ لِلْبَائِعِ في عَدَمِ تَغَيُّرِهِ، وَلِلْمُشْتَرِي في عَدَمِ رُؤْيَتِهِ.

فَصْلْ [فِي خِيَارِ العَيْبِ]

وَلِمُشْتَرٍ وَجَدَ بِمَشْرِيِّهِ عَيْبًا نَقَّصَ ثَمَنَهُ عِنْدَ التُّجَّار رَدُّهُ، أوْ أَخْذُهُ بِثَمَنِهِ كُلِّه.

===

(وَمَنْ رَأَى شَيْئاً ثُمَّ شَرَى) ما رآه بعد مدّة (فَلَهَ الخِيَارُ إنْ تَغَيَّرَ) المُشْتَرَى، لأنّ تلك الرُّؤية لم تقع مُعلِمة بأوصافه، فصار كأنه لم يره. قيّد بتغيره لأنه لو لم يتغيّر لم يكن له الخيار، لأنّ العلم بأوصافه حاصلٌ له بالرُّؤية السابقة، وقد رَضِيَ به ما دام على تلك الصفة.

(وَالقَوْلُ لِلْبَائِعِ) مع يمينه (في عَدَمِ تَغَيُّرِهِ) إن اختلفا في تغيّره وكانت المدّة قريبة يُعلم أنّه لا يتغيّر في مثلها، لأنّ الأصل بقاء ما كان على حاله، فلا يصدّق المشتري في دعوى التغيّر إلاّ ببينةٍ، إلاّ إذا بعدت المدّة بأن رأى أمةً شابةً، ثمَّ اشتراها بعد عشرين سنة، لأنّ الظاهر يشهد له (وَ) القول (لِلْمُشْتَرِي) مع يمينه (في عَدَمِ رُؤْيَتِهِ) إن اختلفا فيها لأنّها أمرٌ حادثٌ، والمشتري ينكره، فيكون القول له. ولو اشترى شيئاً مُغيَّباً في الأرض، كالجزر والفُجل والبصل والثوم وأصول الزَّعْفَرَان وما أشبه ذلك، يجوز، وبه قال مالك وأحمد، وله الخيار إذا رأى جميعه. ورؤية بعضه لا تبطل خياره عند أبي حنيفة، لأنّ هذه الأشياء تتفاوت بالصغر والكبر، والجودة والرداءة. وقال أبو يوسف ومحمد: رؤية بعض أحد هذه الأشياء كرؤية كلّه، لأنّ بعض الواحد منها يستدلُّ به في العادة على جميعه، فصارت كالمكيل والموزون والعددي المتقارب.

فصلٌ

(في خِيَارِ العَيْبِ)

(وَلِمُشْتَرٍ) خبر مقدم (وَجَدَ بِمَشْرِيِّهِ) أي بمشتراه (عَيْباً نَقَّصَ) بفتح القاف المشدّدة (ثَمَنَهُ عِنْدَ التُّجَّار) يعني وقبضه غير عالم بالعيب (رَدُّهُ) مبتدأ الخبر المقدّم (أوْ أَخْذُهُ) بصيغة المصدر، أي أخذ المشتري (بِثَمَنِهِ (كلّه) (١) ) قيّد النقص بكونه عند التّجار، لأنّ المرجع في معرفة ذلك إليهم. وفي «الذَّخيرة»: كلّ شيءٍ إذا رجع إلى أهل صنعته يعدُّونه عيباً، فهو عيبٌ وإن لم يُوجب نقصاً في العين ولا في منافعها، لأنّه عندهم يوجب نقص ثمنه. نظيره الظُّفَر الأسود إن كان يُنقِص الثمن، فهو عيبٌ كما في


(١) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>