للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلْ [في بَيْعِ المَنْقُولِ]

وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مُشْتَرىً مَنْقُولٍ قَبْلَ قَبْضِهِ،

===

فصلٌ في بيع المنقول

(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مُشْتَرى مَنْقُولٍ قَبْلَ قَبْضِهِ) لأنّ فيه غرراً، وهو انفساخ العقد بهلاكه. قيّد بالمنقول لأنّ بيع العقار يجوز قبل قبضه، لأنّه لا يُتوهم انفساخ العقد فيه بالهلاك وهو مقدور التّسليم. وقال محمد وزُفَرُ والشَّافعي: لا يجوز أيضاً، لأنّه مبيعٌ لم يقبض، فلا يصحّ بيعه كالمنقول. وقال أحمد: لا يجوز بيعه قبل القبض إن كان مكيلاً، أو موزوناً، أو معدوداً، وإلاّ جاز. وقال مالك: تجوز جميع التصرفات إن كان غير طعامٍ، لأنّه صلى الله عليه وسلم قال في الطّعام: «يداً بيدٍ» (١) . وقبل القبض لا يتأتى ذلك. ولما روى هو عن نافع، عن ابن عمر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من ابتاع طعاماً، فلا يبعه حتّى يستوفيه» (٢) .

ولنا ما روى أبو داود، وابن حِبّان في «صحيحه»، والحاكم في «مستدركه» وصححه عن عبد الله بن عمر قال: ابتعت زيتاً في السُّوق ـ أي اشتريته ـ فلما استوجبته لقيني رجلٌ، فأعطاني فيه ربحاً حسناً، فأردت أن أضرب على يده، فأخذ رجلٌ من خلفي بذراعي فالتفت، فإذا هو زيد بن ثابت فقال: لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رَحْلِكَ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أنّ تباع السِّلع حيث تبتاع حتّى يحوزها التّجار إلى رحالهم.

وعن حَكِيم بن حِزَام قال قلت: يا رسول الله إني رجلٌ أبتاع هذه السّلع وأبيعها، فما يحل لي منهما وما يَحْرُمُ؟ قال: «لا تَبِيعَنَّ شيئاً حتى تقبضه». رواه الطَّحَاوِيّ عن حَكِيم بن حِزَام قال: قلت: أشتري طعاماً فأربح فيه قبل أن أقبضه، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «لا تبعه حتى تقبضه». وفي «الصحيحين» عن ابن عبّاس: الذي نهى عنه النّبيّ صلى الله عليه وسلم هو الطَّعام قبل أنْ يقبض، قال: ولا أحسب كل شيءٍ إلاّ


(١) هذا جزء من حديث أخرجه مسلم ٣/ ١٢١١، كتاب المساقاة (٢٢)، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا (١٥)، رقم (٨١ - ١٥٨٧) ولفظه: " … والبر بالبر، والشعير بالشعير … إذا كان يدًا بيد".
(٢) أخرجه البخاري (فتح الباري) ٤/ ٣٤٤، كتاب البيوع (٣٤)، باب الكيل على البائع والمعطي (٥١)، رقم (٢١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>