للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإِن قَيَّدَ بِيَدِهِ لا. ولأَجِيرٍ المجيءُ بِعِيَالِهِ، إِنْ مَاتَ بَعْضُهُم وجَاءَ بِمَنْ بَقِيَ، أَجْرُهُ بِحِسَابِهِ.

وحَامِلُ كِتَابٍ أَوْ زادٍ إِلى زَيْدٍ بأَجْرٍ، إِنْ رَدَّهُ لِمَوْتِهِ، لا شَيءَ لَهُ.

===

فله إِيفاؤه بنفسهِ وبغيره، فصار كإِيفاء الدَّيْن (١) (فإِن قَيَّدَ بِيَدِهِ) بَأَنْ قال له: على أَنْ تعمل بيدك، أَوْ بنفسك (لا) أَي لا يَستعمل غيره، لأن المعقود عليه عَمَلٌ بعينه فيستحقّ عليه، كالمنفعة في محل بعينه.

(ضوابط الإِجارة الجائزة)

(ولأَجِير المجيءُ بِعِيَالِهِ) الضمير (٢) للمستأجِر، و «الباء» متعلقة بمجيء وهو مجرور بإِضافة أَجير إِليه، والَلَام متعلقة بمحذوف خبر مُقَدَّم. وقوله: (إِنْ مَاتَ بَعْضُهُم وجَاءَ بِمَنْ بَقِيَ) شَرْطٌ مُعْتَرِضٌ بين الخبر والمبتدأ وهو (أَجْرُهُ بِحِسَابِهِ) والجملة جواب الشرط، يعني مَنْ استأجر رجلاً ليذهب إِلى البصرة ويجيء بعياله ـ وهم معلومون ـ فذهب فوجد بعضهم قد ماتوا، فجاء بِمَنْ بَقِي، فله أَجْرُهُ بحسابِه، لأَنَّ الأَجْر مقابَلٌ بجملتهم، وقد أَوْفَى الأَجِيْرُ بعضَ المعقود عليه فيستحق من العِوض بقَدْرِه.

(وحَامِلُ كِتَابٍ) مبتدأ مضاف (أَوْ زادٍ إِلى زَيْدٍ بأَجْرٍ) الجارَّان متعلقان بـ: «حَامل» (إِنْ رَدَّهُ) أي الكتاب، أَوْ الزاد (لِمَوْتِهِ) أَي لأَجْل موت زيدٍ (لا شَيءَ لَهُ) جواب الشرط، والشرط وجوابه خبرُ المبتدأ. والمعنى: أَنَّ مَنِ استأجر رجلاً ليذهب بطعامٍ إِلى فلان بالبصرة، فذهب إِليها فوجده ميتاً، أَوْ لَمْ يجِده، أَوْ وجده ولم يدفع إِليه شيئاً بل ردّ به، فلا أَجْر له. وعند زُفَر له الأَجْر، لأَنه (٣) بمقابلة الحَمْل للبصرة وقد وَفَّى به وَجَنَى بِرَدِّه، فلا يسقط بجنايتِهِ حَقّه من أُجْرَته. ولهم أَنّ المعقود عليه هنا هو نَقْل الطعام إِلى البصرة، وقد نقضه بِرَدِّهِ.

ومَنِ استأجر رجلاً ليذهب بكتابه إِلى فلانٍ بالبصرة ويجيء بجوابه، فذهب فوجده ميتاً فَرَدَّ الكتاب فلا أَجر له، وهذا عند أَبي حنيفة وأَبي يوسف. وقال محمد: له أَجر الذهاب، وهو قول مالك والشافعيّ. وذكر الفقيه أَبو اللَّيث قول أَبي يوسف مع قول محمد. لمحمد (٤) أَنه أَوْفَى بعض المعقود عليه دون البعض، فيستحق الأَجْر


(١) أَي يجوز للمَدِين أَن يَفي الدين عن نفسه، ويجوز أَداء غيره عنه - أَي المدين -.
(٢) أَي: "الهاء" في كلمة "بعياله".
(٣) أَي الأَجْر.
(٤) أَي وَوَجْه قول محمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>