المحال عليه يبرأُ باستحقاقها، لأَنها به وصلت إِلى مالكها، ووصول المغصوب إِلى مالكه يوجِب براءة غاصبه.
(وبِدَيْنٍ عَلَيْهِ) عطف على بدراهم (فَلَا يُطَالِبُهُ) أَي المحتال عليه في هذه الحوالات المقيدة (إِلاَّ المُحْتَالُ) لا المحيل، لأَن حق المحتال تعلق بتلك الأُمور، كالرهن، فلو ملك المحيل المطالبة لبطل حقُّ المحتال، وهو لا يجوز (وفي المُطْلَقَة للمُحِيلِ الطَّلَبُ أَيْضَاً) أَي كما أَنه للمحتال، والظاهر في العبارة تقديم كلمة «أَيضاً» ليكون بجنب ما يتعلق به (عين)(١) المُحيل. وإِنما يكون له الطلب لأَن حقَّ المحال لم يتعلق بدين ولا بعين، بل بذمَّة المُحال عليه. (ولا تَبْطُلُ) الحوالة (بأَخْذِ) المُحيل (مَا عَلَيْهِ) أَي على المحتال عليه من الدين، أَوْ ما عنده من العين المودَعة، أَوْ المغصوبة، كما لا تَبْطُل بهلاكه.
(حكم السُّفتَجة)
(وتكره السُّفْتَجةُ) ـ بضم مهملة، وسكون فاء، وفتح فوقانية، فجيم ـ تعريب سُفْته: أَي شيءٍ مُحْكَم. وفي الشرع:(وهِي إِقْرَاضٌ لِسُقُوطِ خَطَرِ الطريق) وسُمِّي بها هذا القرض لإحكام أَمره. وصورته: أَنْ يدفع شَخْصٌ دراهمَ أَوْ دنانيرَ قَرْضاً ليدفعها إِليه في بلد آخَر، ليستفيد المُقْرِض بذلك الإِقراض سقوطَ خطر الطريق.
وإِنما كُرِهت لما روى الحارث بن أَبي أُسامة في «مسنده»: عن حَفْص بن حمزة، عن سَوَّار بن مصعب، عن عُمارة الهَمْداني قال: سمعت عَلِيّاً يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ منفعةً فهو ربا». وروى ابن أَبي شيبةَ عن أَبي خالد الأَحمر عن حجاج عن عطاء قال: كانوا يكرهون كُلَّ قَرْضٍ جَرَّ منفعةً.
وفي «المبسوط»: وإِن لم تكن المنفعةُ مشروطةً ولم يكن عُرْفٌ على ذلك فلا بأس به، حتى لو قضاه أَجودَ مِمَّا قبضه ولم يكن ذلك مشروطاً ولا عُرْفاً فلا بأس به، والله سبحانه وتعالى أَعلم.