للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ في الإحْصَارِ

إنْ أُحْصِرَ المُحْرِمُ بِعَدُوٍّ، أوْ مَرَضٍ،

===

ولولا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ ما خَرَجْتُ». رَوَاهُ الترمذي وابن ماجه. وحديث ابن عباس قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لِمكَّة: «مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بلدٍ، وأَحَبَّكِ إِليَّ، ولولا أَنَّ قومي أَخْرَجُوني مِنْكِ ما سَكَنْتُ غَيْرَكِ». رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح غريب إِسناداً. وأَمَّا دعاءُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ دعاءِ إِبراهيم عليه الصلاة والسلام فإِنَّما كان في الرِّزْقِ مِنْ الثمراتِ، ولا ريب في أَكثريةِ ثمراتِ المدينة، وليس هذا بسبب لأَفضليتها.

فصلٌ (في الإِحصار)

وهو لغةً: المَنْعُ مطلقاً.

وشرعاً: مَنْعٌ أَوْ عُذْرٌ شرعي عنِ الوقوف والطواف معاً في الحج، وعن الطواف لا غَيْرُ في العمرة.

(إِنْ أُحْصِرَ المُحْرِمُ بِعَدُوَ) مسلمٍ أَوْ كافرٍ (أَوْ مَرَضٍ) أَوْ سَبُع، أَوْ حَبْس ـ ولو من غَيْرِ سلطان ـ أَوْ كَسْرٍ، أَوْ بموتِ مُحرمٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ بِعِدَّةِ طلاقٍ، أَوْ هلاكِ نفقةٍ، أَوْ راحلةٍ وعَجْزٍ عَنْ مشيٍ، أَوْ ضلالةِ الطريقِ، أَوْ مَنْع زَوْجٍ في حجِّ النَّفْلِ إِنْ أَحْرَمَتْ بغيرِ إِذْنه. وقال مالك والشافعي: لا إِحْصار إِلاَّ بالعدو، لأَن آية الإِحصارِ هي قوله تعالى: {فإِنْ أُحْضِرْتُم فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْي} (١) نَزَلَتْ في حقِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأَصْحَابه وكانوا محصورين بالعَدو (بِدَليل) (٢) قوله: {فإِذَا أَمِنْتُم} (٣) . وفي «الموطأ» عن عبد الله بن عمر أَنَّه قال: مَنْ حُبس دونَ البيتِ بِمَرَض فإِنه لا يَحِل حتى يطوفَ بالبيتِ وبين الصفا والمروة.

ولنا أَنْ الإِحصار إِنَّما يقال لغةً في المرض خاصَّاً كما قال بعضهم، أَوْ فيه وفي غيرهِ عامَّاً. والأَول ليس بالإِجماع، فتعينَ الثاني. والعبرةُ لعموم اللفظِ لا لخصوص السبب. وإِن الحَجَّاج بن عمرو الأَنصاري يقول: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «مَنْ كُسِر أَوْ جُرِح فقد حَلَّ وعليه الحجُّ مِنْ قَابِل». قال عِكْرمةُ: فسأَلتُ ابنَ عباس وأَبا هريرة عن ذلك فقالا: صَدَق. رواه أَصحاب السُّنَن والدَّارمِي، وقال الترمذي: حديث حسن، وزاد


(١) سورة البقرة، الآية: (١٩٦).
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) سورة البقرة، الآية: (١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>