للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله، ويَحْمَده ويدعوه، ثم يسلم تسليماً يُسْمِعَناهُ». وهو في غير مسلمٍ: «كان يوتر بتسع ركعات». فاتفاق الأئمة على القعود في كل شفع لِمَا روينا دليل على انتساخه، أو أنه من خصائصه صلى الله عليه وسلم

ثم طول القيام أفضل عندنا من كثرة السجود، وعكسه عند الشافعي لقوله عليه الصلاة والسلام: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأَكْثِرُوا الدعاء» (١) . وقوله عليه الصلاة والسلام لثَوْبَان: «عليك بكثرة السجود، فإنك لا تسجد لله سجدة، إلاَّ رفعك بها درجة، وحَطَّ عنك بها خطيئة». وقوله عليه الصلاة والسلام لربِيعَة بن كَعْب حين سأله مرافَقَتَهُ في الجنة: «فأعِنِّي على نفسك بكثرة السجود». (رواهما مسلم) (٢) .

ولنا قوله عليه الصلاة والسلام كما في مسلم وغيره: «أفضل الصلاة طول القنوت». أي القيام، ولأن القراءة تكثر بطول القيام، وبكثرة الركوع والسجود يكثر التسبيح، والقراءة أفضل منه. ولأنهما ركنان (٣) ، فكان اجتماع ركنين أوْلى وأفضل من اجتماع ركن وسنة (٤) . وقال مالك: تتساوى فضيلتهما بناء على تساوي الدليلين من الجانبين عنده. والأظهر أنَّ السجود أفضل كيفية. والقيام أفضل كَمِّيَّة (٥) . ولذا قيدهما عليه الصلاة والسلام في الحديثين السابقين بطول القنوت وبكثرة السجود. وقد يقال: كثرة السجود مستلزمة لكثرة القيام، ولعله عليه الصلاة والسلام أراد بكثرته كثرة الصلاة، وإنما عَبَّر عنها بكثرة السجود، لأن تمام الركعة به دون غيره.

[(سجود الشكر)]

ثم سجدة الشكر عند سماع خبر مفرح غير مشروعة، فلا يُتَقرَّبُ بها وحدها عند أبي حنيفة ومعه مالك، لأنها ركن دون ركعة، والتقرب بالركعة الواحدة منهي عنه، فما


(١) صحيح مسلم ١/ ٣٥٠، كتاب الصلاة (٤)، باب ما يقال في الركوع والسجود (٤٢)، رقم (٢١٥ - ٤٨٢).
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع، وهي صحيحة والحديثان في صحيح مسلم ١/ ٣٥٣، في كتاب الصلاة (٤)، باب فضل السجود والحث عليه (٤٣)، رقم (٢٢٥ - ٤٨٨). ورقم (٢٢٦ - ٤٨٩).
(٣) أي القيام والقراءة.
(٤) الركن هو السجود، والسُّنَّة هي التسبيح.
(٥) عبارة المخطوط: الأظهر أن السجود أفضل كمية، والقيام أفضل كيفية. وما أثبتناه أولى، لأن القيام يجمع ركنين: القيام والقراءة، فهو أفضل كمية، والسجود أفضل كيفية لورود الحديث، "أقرب ما يكون العبد مِن ربِّه وهو ساجد".

<<  <  ج: ص:  >  >>