للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ في إدْرَاكِ الفَرِيضَةِ

مَنْ شَرَعَ في فَرْضٍ فأُقِيمَتْ، إنْ لَمْ يَسْجُدْ لِلرَّكْعَةِ الأُوْلَى، أوْ سَجَدَ وهُوَ في غَيرِ رُبَاعِيٍّ: قَطَعَ واقْتَدَى،

===

والحاصل أنه قد يستجاب لهم في الشدة لقوله تعالى: {فإذَا رَكِبُوا في الفُلْكِ دَعَوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إلى البَرِّ إذَا هُمْ يُشْرِكُون} (١) .

فصلٌ في إِدْرَاكِ الفَرِيضَةِ

(مَنْ شَرَعَ في فَرْضٍ) منفرداً (فأُقِيمَتْ) أي إقامة ذلك الفرض (إنْ لَمْ يَسْجُدْ لِلرَّكْعَةِ الأُوْلَى) سواء كان الفرض رُبَاعِياً أو ثُلَاثِياً أو ثُنَائِياً (أوْ سَجَدَ وهُوَ في غَيْرِ رُبَاعِيَ) ثُلَاثِياً أو ثُنَائِياً حَضَرِيّاً كان الفرض أو سَفَرِيّاً (قَطَعَ) تلك الصلاة قائماً بتسليمة واحدة. وقيل: بتسليمتين. وهو الأصح لأن القَعْدَة شرط للتحلل، وهذا قَطْعٌ وليس بتحلل. وقيل: يعود إلى القِعْدَة ثم يسلم. وقال شمس الأئمة: القعود حَتْمٌ، لأن الخروج عن صلاة مُعْتَدَ بها لم يشرع إلا بقعود. وإذا قعد قيل: يعيد التشهد. وقيل: لا. والقطع بالسلام ورد في حديث مُعاذ حين أتى قومه فافتتح (سورة البقرة) (٢) ، فانحرف رجل فسلَّم، ثم صلّى وحده. ثم هذا كله بناء على ما اختاره فخر الإسلام من أنَّ ما دون الركعة من الفرض ليس له حكم الصلاة بدليل: أن من حلف لا يُصَلِّي لا يحنث بما دونها، فكان بمحل الرفض (٣) .

والقطع للإكمال جائز، وهو كهدم المسجد لتجديده. واختيار شمس الأئمة: أنه أتَمَّ شفعاً، لأنه وإن لم يكن صلاة فهو قُرْبَة فيَحْرُم قطعها، فيُتِمّها شفعاً ويقتدي ليكون جامعاً بين فضيلتي النافلة وصلاة الجماعة. ومتى أمكن إدراك العبادتين لا يُصَار إلى إبطال إحداهما، وعلى التقديرين قطع (واقْتَدَى) أي بنية مُتَجَدِّدَةٍ إحرازاً لفضيلة الجماعة التي هي من كمالها، لِمَا روى أصحاب الكتب الستة عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفَذِّ (٤) بسبع وعشرين درجة». وللبخاري من حديث أبي سعيد: «بخمس وعشرين درجة». زاد أبو داود: «فإذا صلاَّها في فَلَاة فأتم ركوعها وسجودها


(١) سورة العنكبوت، الآية: (٦٥).
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٣) أي فكان ما دون الركعة عند السلام مرفوضًا.
(٤) تقدم شرحها ص ٢٧٩، التعليقة رقم: (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>