للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللقَنَاةِ حَريمٌ بِقَدْرِ ما يُصْلِحُهَا، وَلا حَريمَ للنَّهْرِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.

فَصْلٌ [في الشِّرْب]

الشِّربُ هُو نَصِيبُ المَاءِ،

===

(وللقَنَاةِ) وهي مجرى الماء تحت الأَرض (حَرِيْمٌ بِقَدْرِ ما يُصْلِحُهَا) ولم يُقَدَّر بشيءٍ يمكن ضَبْطُهُ (وَلَا حَرِيْمَ للنَّهْرِ) عند أَبي حنيفة رحمه الله، لا في الأَموات ولا في غيره (إَلاَّ بِبَيِّنَةٍ) أَي حُجة شرعية أَوْ دلالة عُرْفية، كطينٍ مُلقى على مُسَنَّاته (١) ، أَوْ شجرٍ مغروسٍ فيها له، وكونها أَرْفَع مِنْ الأَرض. وقال أَبو يوسف ومحمد: له مُسنَّاة يمشي عليها ويلقي عليها طِيْنَه، وبه قال مالك والشافعيّ.

وفي «الجامع الصغير»: نهر لرجلٍ إِلى جنبه مُسَنَّاة ولآخر خلف المُسَنَّاة أَرض، وليس لأَحدهما عليها غرس ولا طين ملقى لصاحب النهر وتنازعا، فهي لصاحب الأَرض عند أَبي حنيفة رحمه الله تعالى. وقالا: لصاحب النهر حريم له يلقي طينه وغير ذلك. وهذا يكشف الخلاف في هذه المسأَلة.

هذا، وحَرِيْمُ الشجرة خمسة أَذْرُع مِنْ كلِّ جانب لما روى أَبو داود عن أَبي سعيد الخُدْري قال: اختَصَمَ إِلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم رجلان في حريم نخلة، فأَمر بها فذُرعت (٢) فوُجِدَتْ سبعةَ أَذْرُع ـ وفي روايةٍ: فوجدت خمسةَ أَذْرع ـ فقضى بذلك. وفي لفظٍ له: قَضَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في حَرِيْمِ النخلة طُولَ عَسِيْبِهَا. ورواه الطحاوي في «آثاره» ولفظه: اختصم رجلانِ إِلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم في نخلة، فقطع منها جريدة، ثُم ذرع بها النخلة، فإِذا فيها خمسة أَذرع، فجعلها حريمها. وفي «مستدرك الحاكم» عن عُبادةَ بنِ الصامت: أَنَّ النبيَّ صلى الله تعالى عليه وسلم قضى في النخلة: أَنْ حَرِيْمها مبلغ جريدها.

فصل (في الشِّرْبِ)

(الشِّرْبُ) بكسر الشين المعجمة (هُو نَصِيْبُ المَاءِ) أَي نصيبٌ من الماء، فالإِضافة بمعنى «من» نحو: خاتم حديد، وهذا معناه اللغوي.

وأَما الشرعي: فهو الانتفاع بالماء سَقْيَاً للمَزَارِع أَوْ الدَّواب، ومنه قوله تعالى:


(١) المُسَنَّاة: سدٌّ يُبنى لِحَجز الماء خلفه، فيه فوهات لمرور الماء منها، يفتح منها بغدر الحاجة. معجم لغة الفقهاء ص ٤٢٩.
(٢) ذَرَع الثوب: أي قَاسَه بها - أي بالأَذرع -. القاموس المحيط ص ٩٢٥، مادة (ذرع).

<<  <  ج: ص:  >  >>