للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سُنَنُ الوُضُوءِ ومُسْتَحبَّاتُه]

===

كالرأس يُفترَضُ مَسْحُ ربعه (١) .

والأصَحُّ ما رُوِي عن أبي حنيفة ومحمد أنه يجبُ إمرارُ الماءِ على ظاهرِ اللحية، لأنه لمَّا سَقَطَ غَسْلُ ما تحت الشَّعر انتقَلَ الواجب إليه من غيرِ تغييرٍ، كالحاجبينِ وأهدابِ العينين. وفي «البدائع» عن أبي شُجَاع: أنهم رَجَعُوا عما سوى هذا القول. وفي «الفتاوى الظهيرية»: وعليه الفتوى.

والخلافُ إنما هو في اللحيةِ الكثيفة، إذ يجبُ اتفاقاً غَسلُ شعر اللحية الخفيفة، وهو ما يشاهد منه البشَرةُ اللطيفة. ولا يجبُ غَسْلُ ما انكتم من الشفتين عند الانضمام المعتاد، فإنه تبَعٌ للفم على الأصح، وما ظَهَر فللوجه. ولا باطِنِ العينين ولو في الغُسل لخوفِ الضرر. وقد تكلَّفه بعضُ السَّلَف كابنِ عُمَر وابنِ عباس فكُفَّ بصَرُهما في آخِر عُمرهما.

[فروع]

ومن الفروعِ الكثيرة الوقوعِ: لو انضمَّت الأصابعُ، أو طال الظُّفُر فغطَّى الأُنملَةَ بحيث لا يُتيقَّنُ وصولُ الماء إلى أثنائها في الصورتين، أو كان فيه ما يَمنعُ وصولَ الماء كعجينٍ يابس وشمعِ: يجبُ غَسْلُ ما تحته، ولا يكفي إجراءُ الماء على البَدَن لعروض الحائل. واختُلِفَ في التراب، ولا يَمْنعُ الوسخُ ولا خُرءُ البراغيث ووَنِيمُ الذباب (٢) . ونحوُ ذلك.

ويجب تحريكِ الخاتم الضيِّق في المختار من الرواية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم «كان إذا توضَّأ وضوءَ الصلاة حرَّك خاتمه في إصبعه» رواه ابنُ ماجه.

ولو ضَرَّه غَسْلُ شُقوقِ رِجْليه أَجرى الماءَ على ظاهر الدواء.

ولا يجوزُ المسحُ على ما جاوز الأُذنينِ من الشعر، لعدَمِ كونه من الرأس حقيقةً ولا حكماً. ولا يُعاد الغَسْلُ والمسحُ على موضعِ الحلْق وقطعِ الظفر ونحوِ ذلك لعدم الحدَث.

(سُنَنُ الوُضُوءِ)

(وسُننه): أي سُنن الوضوء. وفي نسخة: سُنَّتُه، وهي الطريقةُ المسلوكةُ في الدين من غير افتراضِ ولا وجوب، ويَستحِقُّ فاعِلُها الثواب، وتاركُها الملامةَ والعتاب. قال ابنُ الهُمَام: «والسُّنَّةُ ما واظَبَ عليها عليه الصلاةُ والسلام مع تركها أحياناً». وفيه: أنَّ بعضَ سُنَن الوضوء مما لم يَثْبت أنه عليه الصلاة والسلام تركَهُ أصلاً كالترتيب،


(١) عبارة المخطوطة والمطبوعة: "كالرأس يفترض مسح ربع رأسه" ولعله سبق قلم.
(٢) ونيم الذباب: خُرؤه. المصباح المنير ص ٢٥٨، مادة (ونم).

<<  <  ج: ص:  >  >>