للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَقُولُ: قَامَ عَلَيّ بِكَذَا، فَإنْ ظَهَرَ خِيَانَتُهُ في المُرَابَحَةِ أَخَذَهُ بِثَمَنِةِ أوْ رَدَّهُ. وَفي التَّوْلِيَةِ حُطَّ. وَعِنْدَ أبِي يُوسُفَ حُطَّ فِيهِمَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ خُيِّرَ فِيهِمَا.

فَصْلْ فِي الرّبَا

الرِّبَا

===

وإنّما كان الحمل مما يزيد في قيمة المبيع، لأنّ القيمة تختلف باختلاف المكان فيضمّ أجر الفَتْل والطِّرَاز والصَّبْغ والغسل والخياطة ونحوها. والأَصل أَنَّ ما جرى عُرْف التجّار على إِلحاقه برأس المال يُلحق به، وما لا فلا. وأَما أُجرة الدَّلاّل (١) فلا تضم اتفاقاً، وتضم نفقة المبيع وكسوته لا نفقة المشتري على نفسه في سفره من وقت شرائه للمبيع. وقيّد بالأُجرة لأَنه لو فعل القصارة أو الحمل أَوْ نحوهما بيده لا يُضم.

(وَيَقُولُ: قَامَ عَلَيّ بِكَذَا) ولا يقول: شريت بكذا، تحرّزاً عن الكذب، إذ المُشْتَرى به ما ذُكِرَ ثمناً في العقد. ((فَإنْ ظَهَرَ خِيَانَتُهُ في المُرَابَحَةِ)) (٢) بإقرار البائع أو بالبينة أو بنكوله عن اليمين وقد ادّعاها المشتري (أَخَذَهُ) أَي المبيع (بِثَمَنِهِ) كلّه (أوْ رَدَّهُ) بالفسخ.

(وَ) إنْ ظهر له خيانةٌ (في التَّوْلِيَةِ حُطَّ) قَدْر الخيانة من الثَّمن ولا يُفْسَخ، هذا عند أبي حنيفة، (وَعِنْدَ أبِي يُوسُفَ حُطَّ فِيهِمَا) أي في المُرَابَحَةِ والتَّوّلِيَةِ، وهو قول الشّافعي في «المختصر» وأحمد (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ) وهو قولٌ للشَّافعيّ (خُيِّرَ فِيهِمَا) بين الأخذ بكل الثَّمن والفسخ. ولو اشترى بألفٍ مؤجَّلَةٍ، وباع بربح مئة، أو باع توليةً بلا بيانٍ، خُيِّرَ المشتري بين أخذه بكلّ الثَّمن وبين رَدّه اتفاقاً.

وفي «المُحِيطِ»: من اشترى شيئاً وصار مغبوناً غبناً فاحشاً، له أن يردّه على البائع بحكم الغبن. وقال القاضي أبو عليّ النَّسَفِيّ: فيه روايتان عن أصحابنا ويُفْتَى برواية الرَّدِّ رفقاً بالناس. وكان صدر الإسلام أبو اليُسْر يفتي بأنّ البائع إن قال للمشتري: قيمة متاعي كذا، أو قال: متاعي يساوي كذا، فاشترى بناءً على ذلك فظهر بخلافه، له الرّدّ بحكم التغرير. وإن لم يقل ذلك، فليس له الرّدّ. وبعضهم لا يفتون بالرّدّ بكلّ حالٍ. والصحيح أن يُفْتَى بالرّدّ إذا وُجِدَ التغرير، وبدونه لا يُفْتَى. والله تعالى أعلم.

فصلٌ في الرِّبا

(الرِّبَا) لغةً: الفضل والزيادة. يقال هذا يربو على هذا، أي يفضُل، ومنه قوله


(١) الدلّالُ: من يجمع بين البَيِّعَين. المعجم الوسيط. ص ٢٩٤، مادة (دل).
(٢) عبارة المخطوط: (فإن ظهر) للمشتري (خيانة) من البائع (في مرابحة) بإقرار … والمثبت من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>