للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَضْلٌ خَالٍ عَنْ عِوَضٍ شُرِطَ لأحَدِ المُتَعَاقِدَيْنِ في المُعَاوَضَةِ.

===

تعالى: {وَمَا آتَيتُمْ مِنْ رباً لِيَرْبُوَا في أمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ} (١) ، وسُمِّيَ المكان المرتفع رَبوةً لفضله على سائر البقاع.

وشرعاً: (فَضْلٌ خَالٍ عَنْ عِوَضٍ) أي لا يقابله عوض في معاوضة مالٍ بمالٍ (شُرِطَ لأحَدِ المُتَعَاقِدَيْنِ في المُعَاوَضَةِ).

في «شرح الوِقَاية»: أي فَضْلَ أحد المتجانسين على الآخر بالمعيار الشرعيّ، أي الكيل والوزن. فَفَضْل قَفِيزَي (٢) شعيرٍ على قفيز بُرَ لا يكون رباً، وكذا فضل عشرة أذرعٍ من الثوب الهروي (٣) على خمسة أذرعٍ منه لا يكون رباً. وقال: خالٍ عن عِوَضٍ، ليحترز عن بيع كُرِّ (٤) بُرَ وكُرّ شعيرٍ بكُرّي بُرَ وكُرّي شعيرٍ، فإن للثاني فضلاً عن الأول، لكنّه غير خالٍ عن العوض بصرف الجنس إلى خلاف الجنس. وقال: شُرِطَ لأحد المتعاقدين، لأنه لو شُرِطَ لغيرهما لا يكون رباً. وقال: في المعاوضة، لأنّ الفضل الخالي عن العوض الذي في الهبة ليس برباً. انتهى.

وفي «جمع العلوم»: الرِّبا شرعاً: عبارة عن عقدٍ فاسدٍ وإن لم يكن فيه زيادة، لأنّ بيع الدّرهم بالدّرهم نَسَاءً ربا وإن لم يتحقق فيه الزِّيادة. أقول: ولا يبعد عدّ النَّساء زيادةً مجازاً.

ثم ثبوت حرمة الرّبا بالكتاب نحو قوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا} (٥) . وبالسَّنَّةِ نحو ما رواه أحمد وأبو داود من حديث ابن مسعود: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن آكل الرّبا ومُؤْكِلَهُ وشاهدَه وكاتِبَه. وبإجماع الأَمَّة. قال الإِسْبِيجَابِيّ: اتفقوا على أنه إذا أنكر ربا النَّسَاء يكفر، واختلفوا في ربا الفضل، فإن ابن عباس لا يرى الرّبا إلاّ في النَّسِيئة. وعنه أنه رجع إلى قول غيره.

والحاصل:

أنّ الأصل في حُرمة الربا قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (٦) ، ومعناه اللُّغَويّ: الذي هو مطلق الفضل. والزيادة ليست مراداً بالإجماع،


(١) سورة الروم، الآية: (٣٩).
(٢) سبق شرحها ص (٣٠٣)، التعليقة رقم: (٢).
(٣) ثَوْبٌ هَرَوِيّ، بالتحريك، ومَرْويّ. بالسكون: منسوبٌ إلى هَرَاة ومَرْو: قريتان معروفتان بخراسان. "المُغْرِب" ٢/ ٣٨٣.
(٤) الكُّرُّ: مكيال لأهل العراق، أو ستون قفيزًا، أو أربعون إرْدَبًّا وهي تساوي عند الحنفية ١٩٧٨.٥٦ ليترًا = ٢٣٤٨.٢٨٠ كيلو غرامًا من القمح، وعند غير الحنفية ١٩٧٨.٥٦ ليترًا = ٢٤٢٠.٦٤ كيلوغرامًا. معجم لغة الفقهاء. ص ٣٧٩.
(٥) سورة آل عمران، الآية: (١٣٠).
(٦) سورة البقرة، الآية: (٢٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>