فيه ويلحق بالبالغ كما في كسبه للمباحات. وأمّا قبض من يُرَبّي الطفل إذا وهب له أجنبيّ، فلأنّ له عليه ولايةً معتبرةً. ألا ترى أنه لا يتمكن أجنبيّ آخر من نزعه منه، فيملك ما يتمحّض نفعاً في حقّه.
وأمّا قبض الزّوج بعد الزِّفاف ما وهب أجنبيٌّ لزوجته الصغيرة، فلأنّه حينئذٍ له عليها ولاية لكونه يعولها، ولأنّها لمّا زُفَّت إليه أقام الأب الزّوج مقام نفسه في حفظها وحفظ مالها، وقَبْضُ الهبة من باب الحفظ. ولكن لا تنعدم ولاية الأب بهذا، حتّى لو قبض لها صحَّ أيضاً لقيام ولايته.
(وَصَحَّ هِبَةُ اثْنَيْنِ دَاراً لِوَاحِدٍ) أي لشخصٍ واحدٍ، فاللاّم متعلّقة بهبة. وإنّما تصحّ لأنّهما سلّماها جملةً، (وهو قبضها جملةً)(١) ، ولا شيوع في ذلك. (وعَكْسُهُ) وهو هبة واحدٍ داراً لاثنين (لا) أي لا تصحّ، وهذا عند أبي حنيفة وزُفَر. وقال أبو يوسف ومحمد: تصحّ (كَتَصَدُّقِ عَشَرَةٍ) أي كما لا يصحّ لواحدٍ أن يتصدّق بعشرةٍ (عَلَى غَنِيَّيْنِ، وَصَحَّ) له التصدّق بها (عَلَى فَقِيريْنِ) وهبتها لهما، وهذا عند أبي حنيفة في رواية «الجامع الصغير». وعندهما: تصح على غَنِيَّيْنِ أيضاً. ويأمر أبو يوسف بقسمة ما وهبه لابنه وبنته أنصافاً لا أثلاثاً كما أمر به محمد، لأنّ تخصيص أحدهما بهبة شيءٍ مكروهٌ، والعدلُ التّسوية.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لِمَنْ وهب لأحد ولديه دون الآخر:«لا تُشْهِدْنِي على جَورٍ». والعدل عند أبي يوسف أنْ يجعل لكل واحدٍ مثل الآخر، وعند محمد أن يجعل الثلثين للابن والثلث للبنت، لأنّ الشّرع جعل ميراثهما كذلك فكان هو العدل. وله: إن العدل هو التّسوية لغةً، والإنصاف من النصف فيُصار إليه. ولو قال: جميع مالي أو ما أملكه لفلانٍ، كان هذا هبة له.
(الرُّجُوعُ عَنِ الهِبَةِ)
(ويَصِحُّ) لِمَنْ وهب هبة لأجنبيّ (الرُّجُوعُ عِنْهَا بِتَرَاضٍ أوْ حُكْمِ قَاضٍ) لكن بكراهةٍ. وقال مالك والشّافعي وأحمد في ظاهر مذهبه: لا يصح الرّجوع في الهبة إلاّ