للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومُستحَبُّه: التيامُنُ، ومَسْحُ الرَّقَبَةِ.

===

عن قيدِ الوِلاءِ والدَّلْكِ قد روى ابنُ دَقيقِ العِيد في كتابه «الإِمام» عن عبد الرحمن بن عوف قال: قلتُ: يا رسول الله، إنَّ أهلي تَغارُ عليَّ إذا أنا وطِئتُ جَوارِيَّ، قال: «ومِمَّ يَعلَمْنَ ذلك»؟ قلتُ: مِنْ قِبَلِ الغُسل، قال: «فإذا كان ذلك منك فاغْسِل رأسَك عند أهلك، فإِذا حَضَرَت الصلاةُ فاغْسِل سائرَ جسدِك». فهذا يُفيد عدَم اشتراط الوِلاء في الغُسل، ففي الوضوء كذلك.

(مستحبات الوضوءِ)

(ومُستحَبُّه) أي الوضوءِ: (التيامُنُ) أي الابتداءُ باليمين في غَسل اليدين والرجلين.

والمستحبُّ: ما فعله عليه الصلاة والسلام أحياناً وتركه أحياناً، فالأصحُّ أنه سُنَّة كما صَرَّح به في «التحفة» لمواظبته عليه الصلاة والسلام، ولقوله صلى الله عليه وسلم «إذا توضَّأتم فابدؤا بميامنكم» رواه أبو داود، وابن ماجه، وابن خُزيمة، وابن حِبَّان في «صحيحيهما». قال في «الإِمام»: وهو جدير بأن يُصحَّح. وغيرُ واحدٍ ممن حَكَى وضوءه عليه الصلاة والسلام صَرَّحوا بتقديم اليُمنى على اليُسرى من اليدين والرجلين، وذلك يُفيد المواظبة، لأنهم إنما يَحكون وضوءه الذي هو دأبُه وعادتُه، فيكون سُنَّة، ولِمَا روى البخاري ومسلم والأربعةُ عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحبُّ التيامُنَ في كل شيء، حتى في طُهُوره، وتَنَعُّلِه، وتَرَجُّلِهِ، وشأنِهِ كلِّه». والطُّهورُ: بضم الطاء عند الجمهور، والتَّنَعُّل: لُبسُ النعلين، والترجُّلُ: تسريحُ الشعر.

(ومَسْحُ الرقبة) وقيل: إنه سُنَّة، وهو اختيارُ بعضِ الشافعية وأكثرِ العلماءِ كما في «الخلاصة» من كتب الحنفية، لِمَا روى أبو عُبَيد القاسمُ، عن القاسمِ بن عبد الرحمن، عن موسى بن طلحة قال: «من مَسَح قفاه مع رأسِهِ وُقيَ من الغُلّ» (١) . والحديثُ موقوف لكنه حكماً مرفوع، لأنَّ مثله لا يقال بالرأي، ويُقوِّيه ما رُوِيَ مرفوعاً في «مُسنَد الفِردَوْس» من حديث ابن عُمَر (٢) ، لكن سنده ضعيف، إلا أنَّ الاتفاق على أن الضعيف يُعمل به في فضائل الأعمال، على أنَّا رَوَيْنا عن كعب بن عَمْرو الياميّ: «أنه صلى الله عليه وسلم توضَّأ وأومأ بيديه من مقدَّم رأسه حتى بلغ بهما إلى أسفلِ عنقهِ من قِبَل قفاه» (٣) . ومسْحُ الحُلقُوم بدعةٌ كما في «الظهيرية».


(١) الغُل: هو الحديدة التي تجمع يد الأسير إلى عنقه. النهاية ٣/ ٣٨٠.
(٢) ولفظه: "مسح الرقبة أمانٌ" من الغُل يوم القيامة".
(٣) سبق تخريجه عند الشارح صفحة ٥٠ عن الطبراني.

<<  <  ج: ص:  >  >>