للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الوَديعَة

هي أَمَانَةٌ تُرِكَتْ للحِفْظِ، وضَمَانُهَا كالعَارِيَّةِ.

===

كتاب الوَدِيْعَةِ

(هي) لغةً: فَعِيلة بِمَعْنَى المفعولة، مشتقةٌ مِنْ الوَدْع وهو التَّرْك، وقد جاء في الحديث: «لَيَنْتَهِيَنَّ قومٌ عن وَدْعِهِمُ الجَمَاعَاتِ» (١) أَي عَنْ تركِهَا، وقراء قوله تعالى: «ما وَدَعَكَ رَبُّكَ ومَا قَلَى» (٢)، بتخفيف الدَّال، أَي ما تركك وما أَبغضك.

وشَرْعَاً: (أَمَانَةٌ تُرِكَتْ للحِفْظِ) مالاً كان أَوْ غيره، بشرط أَنْ يكون قابلاً لإِثبات اليد ليمكن حِفْظه، حتى لو وُدِع الآبق أَوْ المال الساقط في البحر لم تصح. وكونِ (٣) المودَع مُكَلَّفاً، لوجوب الحِفْظ عليه.

[(مشروعية الوديعة)]

وشرعية الإِيداع بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلى أَهْلِهَا} (٤)، وأَداء الأَمانة لا يكون إِلاَّ بعدها (٥). ولأَن قبول الوَدِيعة من باب الإعانة، وهي مندوبةٌ، لقوله تعالى: {وتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ والتَّقْوَى} (٦). وقوله عليه الصلاة والسلام: «واللَّهُ في عَوْنِ العبدِ ما دام العَبْدُ في عَوْن أَخِيْهِ» (٧).

(وضَمَانُهَا كالعَارِيَّةِ) فلا يضمن إِنْ هَلَكت من غير تَعَدَ، لما روى ابن ماجه في «سُننه» عن عَمْرو بن شُعَيب، عن أَبيه، عن جَدِّه: أَنْ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أَوْدَعَ وَدِيْعةً


= تحققت للمؤجر معنىً حيث سلَّم له الأُجرة، والردّ غيرِ واجب على المستأْجِر، وإِنما وجب عليه التمكين والتخلية. وأُجرة ردّ المغصوب على الغاصب، لأَن الردّ واجب عليه دفعًا للضرر عن المالك، فتكون مؤنة الرد عليه. انتهى من حاشية محمود بن إلياس الرومي، هامش فتح باب العناية ٢/ ١٢٨.
(١) سنن ابن ماجه ١/ ٢٦٠، كتاب المساجد (٤)، باب التغليظ في التَّخلف عن الجماعة (١٧)، رقم (٧٩٤).
(٢) وهي قراءة شاذة. انظر: البدور الزاهرة ص ٣٤٤.
(٣) أَي ويشترط كَوْن المودَع …
(٤) سورة النساء، الآية: (٥٨).
(٥) أَي بعد الوَديعة.
(٦) سورة المائدة، الآية: (٢).
(٧) صحيح مسلم ٤/ ٢٠٧٤، كتاب الذِّكر والدُّعاء (٤٨)، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن (١١)، رقم (٣٨ - ٢٦٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>