للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ زَادَ سَاعَةً لا.

فَصْلٌ في صَلاةِ المُسَافِرِ

المُسَافِرُ مَنْ فَارَقَ بُيُوتَ بَلَدِهِ

===

فقضاهن». وأسقط القضاء مالك والشافعي بالإغماء وقت صلاة واحدة، لأنه عَجْزٌ مانعٌ عن فهم الخطاب فَيُنَافي الوجوب إذا استوعب وقت صلاة. كالجنون في رواية. (وإنْ زَادَ سَاعَةً) أو زماناً (لَا) يقضي، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف، لأنه إذا قَصُرَ يُعْتَبَرُ بما يَقْصُرُ عادة كالنوم، فلا يُسْقِطُ القضاء، وإذا طال اعْتُبِرَ بما يطول عادة كالصِّبَا فَيُسْقِطُ. وقال محمد: يقضي إلاَّ أنْ يزيد على اليوم والليلة وقت صلاة، لأن الكَثْرة بالدخول في حد التكرار وهو ست صلوات.

ولو زال عقله بخمر يلزمه القضاء وإن طال، ولو زال ببنج أو دواء فكذا عند أبي حنيفة، لأن سقوط القضاء عُرِفَ بالأَثر في آفة سماوية، ولا يُقَاس عليه ما حصل بفعله. وعند محمد يسقط القضاء، لأن عقله زال بمباح ابتداء، فصار كما لو زال بمرض. ثم يقضي فائتة المرض في زمن الصحة كاملة، لأن تحصيل الركن فرض وإنما سقط عند الأداء للعذر. ويقضي فائتة الصحة في المرض بحسب القدرة الباقية، ولو بالإيماء. إذ التكليف يعتمد الوسع، فيكلف فيه على القضاء كما يكلف على الأداء.

فصلٌ في صَلَاةِ المُسَافِرِ

السفر لغة: قَطْعُ المسافة. وليس كلُّ قطع تتغيَّر به الأحكام، فبيَّن ما يتغيّر به فقال: (المُسَافِرُ) الشرعيّ الذي يلزمه القَصْر، ويُبَاح له الفِطْر، ويجوز له المسح ثلاثة أيام ولياليها على الخف، وسقط عنه الجُمُعَة، والعيدان والأضْحِيَة (مَنْ فَارَقَ بُيُوتَ بَلَدِهِ) أي البلد الذي هو فيها. وفارق القرية المتصلة بِرُبْضِها (١) على الصحيح، لِمَا روى مسلم وأبو داودٍ عن أنس قال: «صلّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر بالمدينة أربعاً، والعصر بذي الحُلَيْفة (٢) ركعتين». وروى ابن أبي شَيْبَة في «مصنفه» عن أبي حَرْب بن أبي الأَسْوَد الدُّؤَلي: «أن عليّاً رَضِيَ الله عنه لَمَّا خرج من البصْرَة صلّى الظهر أربعاً ثم قال: لو جاوزنا هذا الخُصَّ قصرنا». والخُصُّ بالضم: البيت من القصب، أو البيت


(١) الرُّبْض: أساس البناء. النهاية: ٢/ ١٨٥.
(٢) ذو الحُلَيْفَة: ماءٌ من مياه بني جُشَمَ، ثم سُمِّيَ به الموضع، وهو ميقات أهل المدينة نحو مرحلة عنها، ويقال على ستة أميال. المصباح المنير ص: ١٤٦، مادة (حلف).

<<  <  ج: ص:  >  >>