للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الأَنْجَاسِ

يَطْهُرُ الشَّيءُ عن نَجَسٍ مَرئيٌّ بَزَوَالِ عَيْنِهِ، وإن بقي أثَرٌ يَشُقُّ زوالُه بالماء، وبكُلِّ مائعٍ مُزِيلٍ.

===

[(باب الأنجاس)]

أي معرفةِ أنواعِ النجاسة وبيانِ كيفية الطهارة منها. وهو جمعُ نَجَس، وهو في عُرف الفقهاء بفتح الجيم عينُ النجاسة، وبكسرها: ما لا يكونُ طاهراً، كذا قيل. والأظهرُ أنه الذي يَصيرُ نَجِساً حين لاقَى نَجَساً. وفي اللغة يقال: نَجِسَ الشيءُ بالكسر يَنْجَسُ نَجَساً فهو نَجِس ونَجَسٌ أيضاً، قال تعالى: {إنَّما المشركون نَجَسٌ} (١) والظاهُر أنَّ المرادَ به المعنى المصدريُّ في الآية للمبالغة في النجاسة الباطنية، لاشتمالِ قلوبهم على العقائد الرَّديَّة.

(يطَهُرُ الشيء) بَدَناً كان، أو ثوباً، أو مكاناً، أو غيرَ ذلك (عن نَجَسٍ) بفتح الجيم (مَرْئيّ) أي جِرْمُه (بزوال عينه) لأنَّ تنجُّسَ ذلك الشيء لاتصالِ النجاسة به، فإزالتُها ولو بغَسلةٍ واحدة تطهيرٌ له. وقال الفقيه أبو جعفر: يُغسَلُ بعدَ زوالِ العينِ مرةً أو مرتين، وقيل: ثلاثاً، كذا في «الكافي». (وإِن بقي أثر يَشُقُّ زوالُه) بأن يُحتاجَ في إخراجه إلى نحوِ الصابون والأُشنان (٢) .

(بالماءِ) متعلِّقٌ بـ يَطْهُرُ، وهو أنسَبُ، أَوْ بزوالِ عينه وهو أقرب.

والأصلُ فيه ما جاء عن أسماء بنت أبي بكر قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إنَّ إحدانا يُصيبُ ثوبَها مِنْ دمٍ الحيض، كيف تصنع؟ قال: «تَحُتُّه، ثم تَقرُصُه بالماء، ثم تَنْضَحُه، ثم تصلِّي فيه». أخرجه مالك والشيخان وأبو داود والترمذي. وعن أُمِّ قيس بنتِ مِحْصَن أنها سألت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يكون في الثوب؟ قال: «حُكِّيه بضِلْع (٣) ، واغْسِلِيه بماءٍ وسِدْر (٤) ». أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه.

(وبكلِّ مائع) ذائبٍ جارٍ كماءِ الورد والخَلِّ (مُزِيلٍ) احتَرَز به عن نحوِ الدُّهنِ واللَّبَنِ والعصير مما ليس بمُزِيلٍ.


(١) سورة التوبة، آية: (٢٨).
(٢) مر شرحه ص ٧٥، التعليقة رقم (١).
(٣) أي بعُود. النهاية ٦/ ٩٦.
(٤) تقدم شرحها ص ٨٢، التعليقة رقم (٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>