للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صِفَةُ التَّيَمُّم]

وهو ضَرْبَتانِ: ضَرْبةٌ لِمَسحِ وجهِهِ، وضرْبةٌ ليديه مع مِرْفَقَيْه،

===

العيد كذلك.

وهو قولُ مالك وأحمد خلافاً للشافعي، ومما يُستدَلُّ به على ذلك ما رواه الشيخان من حديث أبي جُهَيم الحارث بن الصِّمَّة قال: أقبَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئرِ جَمَلٍ (١) فلقيه رجلٌ فسلَّم عليه، فلم يَرُدَّ عليه حتى أقبل على جدارٍ فمسَحَ وجهه ويديه، ثم رَدَّ صلى الله عليه وسلم عليه السلامَ، ثم اعتذَرَ إليه فقال: «إني كرهتُ أن أذكر اسمَ الله إلا على طُهْر» أو قال: «إلا على طهارة».

(صِفَةُ التَّيَمُّم)

(وهو) أي التيمُّمُ (ضَرْبَتانِ) وهما وَضْعَتانِ على وجْه الشِّدَّة (٢) ، ولو في مكانٍ واحد على الأصح لعدم صيرورته مستعمَلاً، لحصوله بما التَزَق بيده لا بما فَضَل. وحاصلُهُ: أن الضَّرْبَ رُكنٌ، فلو أحدَثَ بعده قبل المسح لا يجوز المسحُ بتلك الضربة لكونها ركناً كما لو أحدَثَ في الوضوء بعد غَسْل بعض الأعضاء، وبه قال السيد أبو شجاع، واختاره شمس الأئمة، وقال الإِسْبِيجابي: يجوز كمن ملأ فمَهُ (٣) فأحدَثَ ثم استعمله.

(ضَرْبةٌ لمسحِ وجهه، وضرْبَةٌ ليديه مع مِرْفَقَيْه) لقوله تعالى: {فامْسَحُوا بوجوهِكم وأيدِيكم} (٤) ولِمَا رواه الدارقطني والحاكم وصحَّحه من حديث جابر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «التيمُّمُ ضَرْبتان: ضربةٌ للوجه، وضربةٌ للذراعين إلى المرفقين».

ولو وضَعَ يدَهُ مرَّتين من غير ضَرْب ففي «المبسوط»: الجوازُ، وفي «الغاية»: الضَّرْبُ أولى وذلك إما ليوافِقَ لفظَ الحديث، وإما لِيَدْخُلَ الغُبارُ في أثناءِ الأصابع، ولذا قال في «الزاد»: ينبغي أن تكون الأصابعُ منفرِجَةً عند الضرب. واستيعابُ مَسْحِ العضوين بالتيمم واجبٌ في ظاهر الرواية، لأنه خَلَفٌ عن الوضوء، وفي الوضوء يجبُ الاستيعابُ، فكذا في التيمم، حتى لو لم يَمسَحْ ما تحت الحاجبين وفوقَ العينين أو لم يُحرِّك خاتمَهُ وهو ضيِّق لا يجزئه. وفي رواية الحسن عن أبي حنيفة: أنه إذا تيمَّمَ على


(١) موضع بالمدينة. مراصد الاطلاع ١/ ١٤٠.
(٢) الضربتان هما وَضْعَتان على وجه الشِّدة: أي: أن يصنعهما بشدة على الأرض.
(٣) في المخطوطة: "كفه" وفى "فتح القدير": "كفيه ماء"، بدل "فمه".
(٤) سورة المائدة، آية: (٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>