والمِرفقانِ يَدْخُلانِ في المسح، وبه قال الشافعي خلافاً لزُفَر، وقال الأوزاعي والأعمش: إلى الرُّسُغين، وهو روايةُ الحسن عن أبي حنيفة ومَرْوِيٌّ عن ابن عباس، وقال الزُّهْري: إلى الآباط.
وحديثُ عَمَّار وَرَدَ بذلك كلِّه كما رواه الطحاويُّ وغيرُه: فرجَّحنا روايةَ إلى المرفقين بقولِ النبي صلى الله عليه وسلم «التيمُّمُ ضَرْبتان: ضربةٌ للوجه، وضربةٌ لليدين إلى المِرْفقين»، رواه الحاكم والدارقطني بهذا اللفظ عن ابن عُمَر عنه صلى الله عليه وسلم
وبِمَا في الطبراني والدارقطني والطحاوي: عن الرَّبيع بن بَدْر، عن أبيه، عن جَدِّه، عن الأسْلَع التميمي: قال: أراني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كيف أمسَحُ، فضَرَبَ بكفَّيه الأرضَ ثم رَفَعَهُما لوجهه، ثم ضَرَبَ ضَربةً أخرى فمسَحَ ذِراعيه باطِنَهما وظاهِرَهُما حتى مَسَّ بيديه المرفقين.
زاد الطحاوي عن الأسلع التميمي قال: كنتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ فقال: «يا أسلَعُ قُمْ فارْحَلْ لنا»، قلتُ: يا رسول الله أصابتني بَعْدَك جنابةٌ، فسكتَ عني حتى أتاه جبرائيل بآية التيمم، فقال لي:«يا أسلع قُمْ فتيمَّمْ صعيداً طَيِّباً ضَرْبَتَيْنِ: ضَرْبةً لوجهك، وضَرْبةً لذِراعَيْكِ ظاهِرَهما وباطِنَهما»، فلمَّا انتهينا إلى الماءِ قال:«يا أسلَعُ قُمْ واغتسل».
ومَنْ قال: إلى الرُّسُغين استدَلَّ بما في «الكتب الستة» من حديث عبد الرحمن بن أبْزَى: أنْ رجلاً أتى عُمَرَ رضي الله عنه، فقال: إني أَجنبتُ فلم أجد الماء، فقال: لا تُصَلِّ، فقال عَمَّارٌ: أمَا تذكُرُ يا أمير المؤمنين إذ كنتُ أنا وأنتَ في سَرِيَّة، فأجنبنا فلم نجد الماء، فأمَّا أنتَ فلم تُصلِّ، وأمَّا أنا فتمعَّكْتُ في التراب (١) فصلَّيتُ، فأتينا النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبرناه فقال النبي صلى الله عليه وسلم «إنَّما يكفيك أن تَضْرِبَ بيديك الأرضَ ثم تَنْفُخَ وتمسَحَ بهما وجْهَك وكفَّيك»؟ قال عُمَر: نُولِّيك مِنْ ذلك ما تولَّيت.
قلنا: المرادُ بالكفَّينِ: الذراعان إطلاقاً لاسم الجزء على الكلّ، أو المرادُ الكفَّانِ مع الباقي حملاً له على قوله: كنتُ في القومِ حين نَزَلَتْ الرُّخصَةُ في المسَحَ بالتُّرابَ إذا لم نجد الماء، فأُمِرْنَا فَضَرَبْنا واحدةً للوجه، ثم ضَرْبةً أخرى لليدينِ إلى المرفقين.
(١) أي تمرغت بالتراب. انظر المصباح المنير ص ٢٢٠، مادة (معك).