للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ بَعَثَ إلَيْهَا فَقَالَتْ: هُوَ هَدِيَةٌ، وَقَالَ: مَهْرٌ، فَالقَوْلُ لَهُ، إِلَّا فِيمَا هُيِّيءَ لِلْأَكْلِ.

فَصْلٌ في نكاحِ الرَّقِيقِ والكَافِرِ

نِكَاحُ القِنِّ والمُكَاتَبِ

===

(حكم هديَّة الخِطْبَة)

(إنْ بَعَثَ إلَيْهَا) أي امرأته شيئًا (فَقَالَتْ هُوَ هَدِيَةٌ، وَقَالَ: مَهْرٌ) أو هو من المهر (فَالقَوْلُ لَهُ) مع يمينه، لأن التمليك أُسْتُفِيدَ منه، فكان أعرف بجهته، كما لو أنكر التَّمليك أصلاً، وكان الظاهر أنه يسعى في إسقاط ما في ذمته (إِلاَّ فِيمَا هُيِّاءَ لِلأَكْلِ) كالخبز، والشِوى، واللَّحْم المطبوخ، والفواكه التي لا تبقى بخلاف الحِنْطَة، والعسَل، والسَّمن، والجوز، واللَّوز، لأن الظاهر يكذِّبه، والقول قول من يشهد له الظاهر.

وقال بعض المحقِّقين: والذي يجب اعتباره في ديارنا، أن جميع ما ذكر من الحِنْطَة، والدقيق، والسُّكر، وباقيها يكون القول فيه قول المرأة، لأن المتعارف في ذلك كله إرساله هدية، فالظاهر مع المرأة لا معه، ولا يكون القول له إلاّ في نحو الثِّيَاب، والجارية. وقال الفقيه أبو اللَّيْثِ: المختار أنَّ ذلك الشيء إن كان مما لا يجب على الزَّوج، فالقول قوله، وإن كان مما يجب عليه بعد العقد كالخِمَار والدِّرع (١) فالقول قولها، لأن الظاهر يكذِّبه.

وفي «الذَّخِيرَة»: جَهَّزَ بنته وزوَّجها، ثم زَعَمَ أنّ الذي دفعه إليها ماله وكان على وجه العَارِيَّة عِنْدَها، وقالت: هو ملكي جهَّزني به، أو قال الزَّوج ذلك بعد موتها، فالقول قولهما دون الأب، لأن الظاهر شاهد بملك البنت، إذ العادة دفع ذلك إليها بطريق الملك. وحُكِي عن عليّ السُفدِيّ: أنّ القول قول الأب، لأن ذلك يُسْتَفَادُ من جهته. وذكر شمس الأئمة السَّرْخَسِيّ في «السِّيَر الكبير» نحو ذلك. وقال قاضيخان: إن كان الأب من الأشراف والكرام، لا يُقْبَلُ قوله أنَّه عَارِيَّة، وإن كان ممن لا يجهز البنات بمثل ذلك، قُبِلَ قوله. وقال الصدر الشهيد: المختار للفتوى إن كان الأب يدفع جِهَازاً لا عَارِيَّة كما في ديارنا، فالقول قول الزَّوج، وإن كان العُرْف مشتركاً، فالقول قول الأب.

فصلٌ في نِكَاحِ الرَّقِيقِ والكَافِرِ

(نِكَاحُ القِنِّ) وهو العبد الذي ليس فيه حرِّية بوجه، (و) نكاح (المُكَاتَبِ


(١) الدِّرْعُ: سبق شرحها ص ٥٦، التعليقة رقم (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>