للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بابُ الأذَانِ

هو في اللغة: الإعلام. قال الله تعالى: {وأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولهِ إِلَى النَّاسِ} (١) الآية. وفي الشرع: الإعلامُ بدخول وقت الصلاة، بألْفَاظٍ مخصوصةٍ معلومةٍ. وسبب مَشْرُوعيته في السنة الأولى من الهجرة، وقيل: في السنة الثانية منها، لما روى ابن سعد بسنده: عن نافع بن جُبَيْر، وعُرْوة بن الزُّبَيْر، وسعيد بن المُسَيَّبِ: أنهم قالوا: «كان الناس في عَهْدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يُؤْمَرَ بالأذانِ، ينادي منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاةُ جامعةٌ، فتجتمع الناس، فلما صُرِفَتِ القِبْلَة أُمِرَ بالأذان». ووجهُ الدَّلالة أن القِبلَة صُرِفت إلى الكعبة في السنة الثانية.

وفي مسلم من حديث ابن عمر قال: «كان المسلمون حين قدِمُوا المدينة يجتمعون فَيَتَحَيَّنُونَ الصلاة، أي يُقدِّرون حِينَها ليأتوا فيها إليها، وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يوماً في ذلك، فقال بعضهم: اتخذوا نَاقوساً (٢) مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: قَرْناً مثل قرن اليهود، فقال عمر: أَوَلَا تبعثون رجلاً ينادي بالصلاة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بلال قُم فنادي بالصلاةِ».

قال القاضي عِيَاض في «شرح مسلم»: ظاهره أنه إعلام ليس على صفة الأذان الشرعي، بل إخبار بحضور وقتها. قال النووي في شرحه: وهذا الذي قال محتمل أو متعين، فقد صحَّ عن عبد الله بن زيد بن عبد ربّه في «سنن أبي داود» وغيرها: أنه رأى الأذان في المنام، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما رأى، فقال: «قم مع بلال فألقِ عليه ما رأيت فليؤذّن (به، فإنه أندَى صوتاً منك، فقام مع بلال، فجعل يُلْقِيه عليه ويُؤذِّن) (٣) ، فسمع عمر ذلك ـ وهو في بيته ـ فجاء يَجُرُّ رداءه ويقول: والذي بعثك بالحقّ لقد رأيت مثل ما أُرِي … » الحديث.

وهذا ظاهر في أنه كان في مجلس آخر، فيكون الواقع أولاً الإعلام، ثم رأى


(١) سورة التوبة، الآية: (٣).
(٢) الناقوس: مِضْراب النصارى الذي يضربونه إِيذانًا بحلول وقت الصلاة. المعجم الوسيط، ص: ٩٤٦، مادة (نقس).
(٣) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>