للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُزَادُ لهَا الخِمَارُ. ويُعْقَدُ إنْ خِيفَ انْتِشَارُهُ.

وصَلَاتُه فَرْضُ كِفَايَةٍ،

===

الحسن في «الآثار»: بلغنا عن أبي بكر الصديق أنه قال: «اغسلوا ثوبيّ هذين، وكَفِّنُوني فيهما». لكن في «صحيح البخاري»: أن أبا بكر قال: «اغسلوا لي ثَوْبِي هذا، وزيدوا عليه ثوبين فكفنوني فيها».

(ويُزَادُ لهَا) أي للمرأة في كفن الكفاية على الإزار واللِّفَافة (الخِمَارُ) لأن هذا المقدار أقل ما تَلْبَسه المرأة حال حياتها وتصح صلاتها فيه من غير كراهة. وأما ضرورة الكفن: فما يُوجَدُ، لِمَا روى الجماعة إلاَّ ابن ماجه عن خَبَّاب بن الأَرَتّ قال: «هاجرنا مع النبيّ صلى الله عليه وسلم نريد وجه الله تعالى، فوقع أجرنا على الله، فمنّا من مضى ولم يأخذ من أجره شيئاً، منهم مصعب بن عُمَيْر قتل يوم أحد، وترك نَمِرَة» (١) . فكنا إذا غَطَّيْنَا بها رأسه، بدت رجلاه، وإذا غطّينا بها رجليه، بدا رأسه. فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ نغطي رأسه، وأن نجعل على رجليه شيئاً من الإذْخِرِ» (٢) . وفيه أيضاً دليل على أن ستر العورة وحدها لا يكفي في الكفن كما هو مذهبنا. وفي «الخُلَاصة»: إنْ كان في المال كَثْرةٌ وفي الورثة قِلَّة، فكفن السُّنَّة أولى، وإن كان على العكس، فكفن الكفاية أولى. قلت: لعل المأخذ: صنيع (٣) أبي بكر الصديق رَضِيَ الله عنه، والله وليّ التوفيق.

(ويُعْقَدُ) الكفن (إنْ خِيفَ انْتِشَارُهُ) صيانة للميت عن انكشافه ويُجَمَّرُ (٤) الكفن، وتراً قبل أن يُدْرج فيه (لقوله عليه الصلاة والسلام: «إن الله وِتْر يحب الوتر». رواه أبو داود. ولِمَا روينا من قوله) (٥) صلى الله عليه وسلم «إذا أجمرتم الميت فأجْمِرُوه ثلاثاً» (٦) . وفي البيهقي: «أَجْمِرُوا كفن الميت ثلاثاً». ولقول أسماء عند موتها: «إذا أنا متّ، فاغسلوني، وكفّنوني، وأَجْمِرُوا ثيابي، وحنّطوني، ولا تَتْبَعُوني بنار». رواه مالك في «المُوَطَّأ». وأما قول صاحب «الهداية»: لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بإجْمَار أكفان بنته، فغير معروف.

(الصَّلاةُ على المَيِّتِ)

(وصَلَاتُه) أي صلاة الناس عليه (فَرْضُ كِفَايَةٍ) إجماعاً لظاهر قوله تعالى:


(١) النَّمِرَة: كِسَاء فيه خطوط بيض وسود. المعجم الوسيط ص: ٩٥٤، مادة (نمر).
(٢) الإِذْخِرُ: نبات ذكي الريح إِذا جَفَّ ابْيَضَّ. المصباح المنير ص: ٢٠٧، مادة (ذخر).
(٣) حُرِّفت في المطبوع إلى: "منع"، والصواب ما أثبتناه من المخطوط.
(٤) يُجَمَّر: يُبَخَّر. المصباح المنير، ص: ١٠٨، مادة (جمَّر).
(٥) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٦) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٣/ ٣٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>