للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلِلآخِذِ، وَاعْتُبِرَ بِهِ سَائِرُ المُبَاحَاتِ.

[فَصْلْ في الصَّرْف]

الصَّرْفُ بَيْعُ الثَّمَنِ بالثَّمَنِ جِنْسًا بِجِنْسٍ، أوْ بِغَيْرِ جِنْسٍ. وَيُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ قَبْلَ الافْتِرَاقِ،

===

الدرهم (فَلِلآخِذِ) أي فالدرهم لآخذه لأنّه مباحٌ سبقت يده.

(وَاعْتُبِرَ) ـ أنت، أو هو بصيغة المجهول الماضي ـ (بِهِ) أي بهذا الذي قلناه في الدّرهم الذي نثر (سَائِرُ المُبَاحَاتِ) فلو أفرخ طير أو باض في أرض رجلٍ، إن كانت أرضه مهيّأة لذلك فهو له، وإلاّ فلآخذه، بخلاف ما لو عَسَل النحل في أرضه، فإنه يملك عسله وإن لم يعدّ أرضه، لأنّ العسل ممّا يحصُل من الأرض فيكون تبعاً لها كالشجر النابت فيها والتراب المجتمع بجريان الماء فيها، ولهذا يجب في العسل العُشْر إذا أُخذ من الأرض العُشْرِية.

(فَصْلٌ في الصَّرْفِ)

(الصَّرْفُ) لغةً: النقل والرّدّ، قال الله تعالى: {ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} (١) ، وسُمِّيَ به لأنه يحتاج فيه إلى نقل بَدَلَيْهِ من يدٍ إِلى يدٍ.

وشرعاً: (بَيْعُ الثَّمَنِ) أي المخلوق للثمنية وهو الذّهب والفضة مطلقاً (بالثَّمَنِ جِنْساً بِجِنْسٍ) كذهبٍ بذهبٍ، أو فضةٍ بفضةٍ، فيشترط فيه التّساوي وزناً، وإن اختلفا جودةً وصياغةً لِمَا تقدّم من إهدار الشّارع اعتبار الجودة عند المقابلة بالجنسِ. (أوْ) جنساً (بِغَيْرِ جِنْسٍ) كذهبٍ بفضةٍ أو فضةٍ بذهبٍ، فلا يشترط فيه التّساوي وزناً بل جاز فيه التّفاضل لقوله عليه الصلاة والسلام: «فإذا اختلفت هذه الأصنافُ، فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيدٍ» (٢) .

(وَيُشْتَرَطُ) في الصَّرْف سواء كان بالجنس أو بغيره (التَّقَابُضُ) من الطرفين باليد لا بالتخلية (قَبْلَ الافْتِرَاقِ) بالأبدان بإجماع العلماء، ولما روى مالك في «الموطّأ» عن عمر أنّه قال: لا تبيعوا الذَّهب بالذّهب إلاّ مِثْلاً بمثلٍ، ولا تبيعوا الوَرِقَ بالذّهب أحدهما غائبٌ والآخر حاضرٌ (٣) ، وإن استنظرك أن يلج بيته فلا تنظره إلاّ يداً بيدٍ، هاتِ وهاتِ، إنّي أخشى عليكما الرِّبا.


(١) سورة التوبة، الآية: (١٢٧).
(٢) سبق تخريجه عند الشارح ص (٣٥٧).
(٣) في المخطوط: ناجزٌ، والمثبت من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>