للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلُ [فيما يُفْسِدُ الإجَارَة]

يُفْسِدُهَا شُرُوطٌ تفْسِدُ البَيْعَ.

===

لخُرُوجِهِ عن العادة. قَيَّد بِكَوْن الإِجارة على حمل، لأَنها لو كانت على ركوب شخصٍ معينٍ فأَردفه آخر فعَطِبت الدابة ضَمن نِصْفَ قيمتها، سواء كان أَخف أَوْ أَثْقَل، لأَن تلَفَ الدابةِ من الركوب لا ينشأُ من الثِّقْل، إِذْ رُبَّ ثقيل يحسِن الركوب فلا يضر ثِقْله بالدابة، وخفيفٍ لا يحسنه فَيَضُرُّ بها، ولأَنَّ الآدمي لا يُوزن فاعتبر فيه العدد. وهذا إِذا كانت الدابة تُطِيق حمل اثنين، حتى لو كانت لا تطيقُ ذلك ضَمِن كلَّ قيمتها.

وإِنْ قَيَّد الدابةَ براكبٍ، والثوب بِلُبْس لابسٍ مُعَيَّن، فخالف (١) إِلى غيره ضَمِن القيمةَ إِنْ أُتْلِف، لتفاوت النَّاس في الركوب واللبس. ومثلُهُ كُلُّ ما يختلف باختلاف المستعمِل. ولا يعتبر التَّعْين فيما لا يختلف بالمُسْتَعْمِل، فلو شرَط سُكْنى واحِدٍ بِعَيْنه في الدار، جاز للمستأجِر أَنْ يُسْكِنَ غيره فيها. والتلف برد الدابة بأَن يجذِب لِجَامها إِلى نفسه لتقف ولا تجري، أَوْ الضَّرْب بلا إِذْنٍ صريحٍ، يُوجِب الضمان عند أَبي حنيفة، كهلاك الدابة المستعارة، والعبد المُسْتَأجَر بالضَّرْب. وهما (٢) قيَّداه بغير المعتاد، كمالك والشافعيّ.

وصح استئجار الجمل ليحمل عليه مَحْمِلاً (٣) وراكبين إِلى مكَّةَ المُشرَفة مثلاً. ويتعين المَحْمِل المعتاد في عُرْف البلاد، ويستحب مشاهدة الجَمَّال المَحمِل، لأَنه أَبعد عن الجهالة، وبه قال مالك. وشرطَ الشافعيُّ المشاهدة، وهو القياس، لأَنه مجهولٌ فيؤدي إِلى المنازعة.

ولنا: وهو الاستحسان، أَنَّ المقصود هو الراكب وهو معلومٌ، والمَحْمِل تابعٌ، وما فيه من الجهالة تزول بالصَّرْف إِلى المعتاد، وكذا إِذا لم يَرَ الفراش وما يتعلق به. وصَحَّ لزادٍ معلوم إِلى مكانٍ معلومٍ، ويجوز عوض ما نقص منه، خلافاً لبعض أَصحاب الشافعي.

فصل (فيما يُفسِد الإجارة)

(يُفْسِدُهَا) أَي الإِجارة (شُرُوطٌ تُفْسِدُ البَيْعَ) وهي الشروط التي لا يقتضيها


(١) أَي الراكب واللابس.
(٢) أَي الصاحبان.
(٣) المَحْمِل: الهودج، وهو مَرْكَب يُرْكَب عليه على البعير. معجم لغة الفقهاء ص ٤١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>