للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ في حدِّ القَذْفِ

مَنْ قَذَفَ مُحْصَنًا، أَي: حُرًّا مُكَلَّفًا مُسْلِمًا عَفِيْفًا عَنِ الزِّنَا بِصرِيْحِهِ،

===

فصلٌ فِي حَدِّ القَذْفِ

وهو لغةً: الرمي، ومنه قوله تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بالحَقِّ عَلَى البَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ} (١) .

وشرعاً: الرمي بالزنا بمعنى الطعن (٢) فيه. وهو من الكبائر إِجماعاً لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِيْنَ يَرْمُوْنَ المُحْصَنَاتِ الغَافِلَاتِ المُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا في الدُّنْيَا والآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيْمٌ} (٣) ، ولقوله عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين وغيرهما: «اجتنبوا السَّبْعَ الموبقات ـ أَي المهلكات ـ. قيل، وما هُنَّ يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسِّحر، وقتل النفس التي حَرَّم الله، وأَكل الرِّبا، وأَكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المُحَصَنَات الغافلات المؤمنات».

(مَنْ قَذَفَ) وهو (مكلَّفٌ) (٤) حرٌ أَوْ عبدٌ (مُحْصَنَاً أَي حُرًّا) وعن داود: أَنه يُحَدُّ قاذفُ العبد. (مُكَلَّفَاً) وأَحمد في رواية لا يشترط البلوغ، بل يشترط أَنْ يكون بحيث يجامع.

(مُسْلِمَاً) وعن ابن المسيَّب وابن أَبي ليلى: يحدّ قاذف الذمية التي لها ولدٌ مسلمٌ (عَفِيْفَاً عَنِ الزِّنَا) أَي معروفاً بكفّ نفسه عنه، غير متهم به، لأن غير العفيف لا يلحقه شَيْنٌ بالقذف، وكذا قاذفه صادقٌ فيه. (بِصَرِيْحِهِ) أَي بصريح أَيِّ لسانٍ كان من عربيّ وفارسيّ ونَبَطِيّ، وهو متعلَّق بـ: قذف. واحترز به عمّا لو قذف بلفظ الجماع، أَوْ المباضعة حراماً، أَوْ بالتعريض بأَن قال لرجلٍ: ما أَنا بزانٍ، أَوْ: ما أُمِّي بزانيةٍ، فإِنه لا يحدّ (عندنا) (٥) ، وبه قال سفيان وابن شُبْرُمة والحسن بن صالح والشافعيّ وأَحمد في روايةٍ.

وقال مالك وأَحمد رحمهم الله في رواية: يُحَدُّ لِمَا روى مالك في «الموّطأ» عن أَبي الرِّجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة بن النّعْمَان الأنصاري، عن أُمِّه عَمْرَة بنت عبد الرحمن: أن رجلين استبَّا في زمن عمر بن الخطاب، فقال أَحدهما للآخر: والله ما أَبي بزانٍ، ولا أَمي بزانيةٍ، فاستشار في ذلك عمرُ بن الخطاب، فقال قائلٌ:


(١) سورة الأنبياء، الآية: (١٨).
(٢) عبارة المطبوع: الرمي بالزنا لمعنى القذف. والمثبت من المخطوط.
(٣) سورة النور، الآية: (٢٣).
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>