(وتَجِبُ) الفِطْرَةُ. وفي البخاري: وقال أَبو العالية وعطاء وابن سيرين: تُفْتَرض (عَلَى حُرَ) لا عبدٍ، ليتحققَ التمليكُ، فإِنَّ العبد لا يملِك لو مُلِّك، فكيف يَمْلِك؟ (مُسْلِمٍ) لِيَكُونَ له قُرْبة وثوابَ عبادةٍ لا تصح إِلاَّ بِنِيَّةٍ، والكافر ليس له ذلك. (له نِصَابُ الزَّكَاةِ) من أَيِّ مالٍ كان لا ما دونه، لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم «لا صدَقَةَ إِلاَّ عن ظَهْرِ غِنَى، واليَدُ العُلْيا خَيْرٌ مِنْ اليَدِ السُّفْلَى، وابدأْ بِمَنْ تَعُول». رواه أَحمد عن أَبي هريرة. والمعنى: إِلاَّ عن غِنَى، فكلمة «ظهر» مقحمة، والغِنَى الشَّرْعي: نصابٌ فَاضِلٌ عن حَوَائجه الأَصلية. (وإِنْ لَمْ يَنْمُ) لأَن الفِطْرة إِنما وجبت بقدرة ممكنة، والنمو إِنما هو شرط فيما وَجَبَ بقدرةٍ ميسرة، كالزكاة.
وقال مالك والشافعي: تجب الفطرة على مَنْ يملك ما زاد على قوتِ يومِه لِنَفْسِه وعياله، لقوله عليه الصلاة والسلام:«أَدُّوا صاعاً من قمحٍ، أَوْ صَاعَاً مِنْ بُرَ ـ شك حمَّاد ـ عن كل اثنين، صغير أَوْ كبير، ذَكَر أَوْ أُنثى، حُرَ أَوْ مملوكٍ، غَنِيَ أَوْ فقيرٍ. أَمَّا غَنِيُّكُم فيزكيه اللهُ، وأَمَّا فَقِيرُكُم فَيَرُدُّ اللهُ عليه أَكثرَ مِمَّا يُعْطِي». رواه أَحمد.
قلنا: وقد ضُعِّفَ بالنُّعمان بن راشد، ولو صَحَّ لم يُقَاوِم ما رويناه في الصحة، مع أَنَّ ما لا ينضبط كثرةً من الروايات المشتَمِلة على التقسيم المذكور ليس فيها الفقير، فكانت تلك روايةً شاذةً، فلا تُقْبلُ، لا سيما وهي مُخَالِفةٌ للقياسِ، لأَن مَنْ يجب عليه شيءٌ لا يجوز له أَخْذُه، ولحديث:«لا صَدَقَةَ إِلاَّ عَنْ ظَهْرِ غِنَى».
(وبِهِ) أَي بهذا النَّصاب (تَحْرُمُ الصدقةُ) أَي أَخذُها (وتَجِبُ الأُضحيةُ وَنَفَقَةُ القَرِيبِ) أَي يتعلق الوجوب بوجوده (لِنَفْسِهِ) متعلق بـ: يجب الأَول، أَي تجب الفطرةُ على الحُرِّ لأَجل نَفْسِه غَنِيَّاً (وطِفْلِهِ فَقِيراً) لأَن الأَصل في الوجوب رأْسه وهو يَمُونُه مَوْناً كاملاً ويَلِي عليه ولاية تامة، فكذلك ما كان في معناه من أَولاده الصغار الفقراء (وخَادِمِهِ مِلْكاً) احترز به عن خَادِمه بإِجَارَةٍ أَوْ إِخْدَام.
(ولو مُدبَّر أَوْ أُمَّ وَلَدٍ) لأَنَّ الولاية والمُؤَن لا ينعدمان بالتدبير والاستيلاد، وإِنما تختل بهما المالية من حيث إِنهما لا يُبَاعان (أَوْ كَافِراً).