للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجَازَ مَنَوَان بُرًّا.

===

قلت: وأَجْمَعُوا على أَنَّ الصَّاعَ أَرْبَعَةُ أَمداد. وما روى ابن أَبي شيبةَ عن يَحْيَى بن آدم قال: «سمعت حسن بن صالح يقول: صَاعُ عمر ثمانيةُ أَرطال». قال شَرِيك: «أَكثر مِنْ سبعةِ أَرطال، وأَقل من ثمانية».

وقيل: أَبو يوسف وَجَدَ الصَّاعَ خَمْسَة أَرطال وثُلُثاً بِرَطْل المدينة، وأَبو حنيفة يقول: الصاعُ ثمانيةُ أَرطال بِالبَغْدادي: وهي تَعْدِل خَمْسة أَرطال وثُلُثاً بالمدني، لأَن الرَّطل المدني ثلاثون إِستاراً، والبغدادي عشرونَ إِستاراً، والإِستار ـ بكسر الهمزة ـ: ستةُ دراهمَ ونِصْف، (وقيل:) (١) وهو الأَشبه، لأَن محمداً لم يذكر في المسأَلة خلاف أَبي يوسف، ولو كان لَذَكَرَهُ على المعتاد، وهو أَعْرَفُ بمذهبه.

وحَاصِلُهُ أَنَّ النِّزَاع لَفْظِيٌّ، والحق أَنه تَحْقِيقِيٌّ يحتاج إِلى أَمْرٍ تَوْفِيقي.

وأَما قول صاحب «الهداية»: والصَّاع عند أَبي حنيفةَ ومحمد ثمانيةُ أَرطال بالعراقي. وقال أَبو يوسف: خَمْسَةُ أَرطال وثُلُثُ رطل، وهو قول الشافعيّ، لقوله عليه الصلاة والسلام: «صَاعُنا أَصْغَرُ الصِّيعَان»، فليس بِمَعْرُوفٍ. نعم روى ابنُ حِبَّان عن العلاء، عن أَبيه، عن أَبي هريرة: أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قِيل له: «يا رسولَ الله صَاعُنا أَصغر الصِّيعان، ومُدُّنَا أَكبر الأَمداد»، فقال عليه الصلاة والسلام: «اللهم بَارِك لنا في صاعِنا، وبارِك لنا في قليلِنا وكثيرِنا، واجْعَلْ لنا مَعَ البركةِ بَرَكَتَيْنِ». قال ابن حبان: وفي تَرْكِهِ عليه الصلاة والسلام الإِنكارَ عليهم حيث قالوا: «صاعُنا أَصغر الصِّيعان»، بيانٌ وَاضِحٌ أَنَّ صاعَ المدينة أَصغر الصِّيعان.

(وجَازَ مَنَوَانِ بُرَّاً (٢) ) لأَنهما عَدْلُ نِصْفِ صاع من بُرَ وَزْناً، والوزنُ هو المُعْتَبَرُ في الصَّاعِ فيما رَوَى أَبو يوسف عن أَبي حنيفة، لأَن اختلاف العلماء في مقدارِ الصَّاعِ أَرْطَالاً دليل على اعتبار الوزن، وعن محمد المُعْتَبَرُ الكَيْلُ، لأَن الآثار جاءت بِلَفْظِ الصَّاعِ وهو اسمُ الكَيْلِ المَخْصوصِ، والمَنُّ: أَربعون إِستاراً.


(١) سقط من المطبوعة.
(٢) مَنَوَان: جمع مَنّ، والمَنُّ مِكْيالٌ سعته رطلان عراقيَّان، رهو ما يساوي ٨١٥.٣٩ غرامًا. معجم لغة الفقهاء، ص: ٤٦٠، ومختار الصحاح، ص: ٢٦٥، مادة (منن).

<<  <  ج: ص:  >  >>