للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

حياتهما، فكيف أبَرُّهما بعد موتهما؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «إن من البِرّ بعد البِرِّ أن تصلي لهما مع صلاتك، وتصوم لهما مع صيامك». وروى أيضاً عن عليّ: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «من مَرَّ على المقابر وقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} عشر مرات، ثم وهب أجرها للأموات، أُعْطِيَ من الأجر بعدد الأموات». وفي «الأذْكَار» للنَّوَوِي: أجمع العلماء على أنّ الدعاء للأموات ينفعهم ويصلهم ثوابه.

واختلفوا في وصول ثواب قراءة القرآن: والمشهور من مذهب الشافعي وجماعة: أنه لا يصل. وذهب ابن حنبل، وجماعة من العلماء، وجماعة من أصحاب الشافعي: إلى أنه يصل. فالمختار: أن يقول القاراءُ بعد فراغه: اللهم أوصل مثل ثواب ما قرأته إلى فلان. وفي «الخلاصة»: رجل أَجْلَسَ على قبر أخيه رجلاً يقرأ القرآن: يُكْرَه عند أبي حنيفة، ولا يُكْرَه عند محمد، ومشايخنا أخذوا بقول محمد.

[(الخلاف في عدد تكبيرات الجنازة)]

ثم اعلم أنه إنما كان التكبير في الجنازة أربعاً لِمَا روى محمد في «الآثار» عن أبي حنيفة، عن حَمَّاد، عن إبراهيم: «أن الناس كانوا يصلون على الجنائز خمساً، (وسِتَّاً،) (١) وأربعاً حتى قُبِضَ النبيّ صلى الله عليه وسلم ثم كَبَّرُوا كذلك في ولاية أبي بكر، ثم وَلِيَ عمر ففعلوا ذلك. فقال لهم عمر: إنكم أصحاب محمد، متى تختلفون يختلف الناس بعدكم والناس حديثو عهد بجهل، فأَجْمِعوا على شيء يُجْمِع عليه من بعدكم. فَأَجْمَعَ رأي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينظروا إلى آخر جِنَازةٍ كَبَّر عليها فيأخذوا به، ويرفضوا ما سواه، فوجدوا آخر جِنَازة كَبَّر عليها أربعاً».

والانقطاع الذي بين إبراهيم وعمر لا يُعْتَبَرُ عندنا. وقد رواه أحمد من طريق آخر موصولاً قال: حدَّثنا وَكِيع: حدَّثنا سُفْيَان، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل قال: «جمع عمر الناس فاستشارهم في التكبير على الجِنَازة، فقال بعضهم: كَبَّر النبيّ صلى الله عليه وسلم سبعاً (وقال بعضهم: خمساً) (٢) ، وقال بعضهم: أربعاً. فجمع عمر على أربع كأطول الصلاة.

وروى أبو نُعَيْم الأَصْبَهَانِيّ، عن ابن عباس: «أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يُكَبِّرُ على أهل بدر سبع تكبيرات، وعلى بَنِي هاشم خمس تكبيرات. ثم كان آخر صلاته أربعَ


(١) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٢) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>