للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

تكبيرات إلى أنْ خرج من الدنيا». وروى البَيْهَقِيّ والطَّبَرَانِيّ، عن ابن عباس أنه قال: «آخر جِنَازَة صلَّى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم كَبَّر عليها أربعاً». قال البيهقي: رُوِيَ هذا الحديث من وجوه، كلها ضعيفة. إلاَّ أن اجتماع أكثر الصحابة على الأربع، كالدليل على صحة ذلك.

فلو كَبَّرَ الإمام خمساً، ترك المأموم متابعته في الخامسة. خلافاً لزُفَر ـ وهو رواية عن أبي يوسف ـ لِمَا روى مسلم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كان زَيْد بن أرْقَم يكبر على جنائزنا أربعاً، وإنه كَبَّرَ على جنازة خمساً، فسألناه، فقال: كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يكبرها». وقد رُوِيَ أن عليَّاً كَبَّرَ خمساً.

قلنا: ثبت النسخ بما قررناه آنفاً. والمَرْوي عن زيد يحتمل أن يكون بناء على قول عليّ من تكبيره على أهل بدر ستاً، وعلى الصحابة خمساً، وعلى سائر المسلمين أربعاً. وروى الطَّحاوي، وابن أبي شَيْبَة، ورواه (هوو) (١) عبد الرَّزَّاق في «مصنَّفَيهما»، والبخاري في «تاريخه»: «أن عليّاً صلى على ابن حُنَيف، فكبَّر عليه ستاً، ثم التفت إلينا فقال: إنه بَدْرِيّ». وقد انقرضت الصحابة، فيكون التكبير بعدهم أربعاً لا غير، فمن زاد يكون مخالفاً للإجماع المُقَرَّر، فلا يكون فصلاً مجتَهَداً فيه، بخلاف تكبيرات العيد. كذا ذكره بعض المحققين.

وفيه نظر: لأن النَّسْخَ بالإجماع مختلف فيه ـ كما عُلِمَ في موضعه ـ فلا يخرج عن كونه فصلاً مجتهداً فيه، مع احتمال أنَّ إجماعهم كان على أن التكبير الأربع يجزاء، لا على أن الزيادة لا تجوز، بدليل ما رُوِيَ عن عليّ، وزيد رَضِيَ الله عنهما. ولا يلزم من وقوع الأربع أخيراً، أن يكون ناسخاً، لجواز أن يكون لبيان أدنى ما يجزاء، إذ لو كان ناسخاً، لَمَا ساغ لهم بعده الزيادة.

ثم إذا كَبَّر الإمام خمساً، ينتظر المأموم تسليم الإمام، ولا يسلم قبله في المختار من الرواية عن أبي حنيفة ليصير متابعاً له فيما وجبت المتابعة فيه، إذ البقاء في حرمة الصلاة ليس بخطأ، إنما الخطأ المتابعة في التكبيرة الخامسة. وعنه (٢) : أنه يُسَلِّمُ حين اشتغل إمامه بالخطأ لشرعية التحلل عَقِيبَها بلا فصل، وهذا بناء على تحقيق النسخ.

ولو جاء رجل فوجد الإمام في صلاة الجِنَازة، لا يُكَبِّر عند أبي حنيفة ومحمد


(١) ما بين الحاصرتين سقط من المطبوع.
(٢) أي: عن الإمام أبي حنيفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>