للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصلٌ في الوَلاءِ

===

أحدهما إليه ينسدُ فمه، فلا يخلط إليه الثاني.

فإذا تعذر القضاء بالنَّسب منهما جميعاً، يُرجع إلى قول القائف. لما روت عائشة دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم مسروراً فقال: «يا عائشة ألم تَرَي أن مُجَزِّراً المُدْلِجِيَّ دخل وعندي أسامة بن زيد، فرأى أسامةَ وزيداً وعليهما قَطِيفةٌ (١) وقد غطَّيا رؤوسهما، وبَدَتْ أقدَامُهُما، فقال: هذه أقدامٌ بعضُها من بعض». أخرجه الستة في كتبهم. قال أبو داود: وكان أُسامة أسود، وكان زيدٌ أبيض. وروى عبد الرزاق بسنده: أنَّ رجلين اختصما في ولد، فدعا عمر القافة، وافتدى في ذلك ببصيرة القافة وألحقه بأَحَد الرجلين.

ولنا ما رواه البيهقي عن مبارك بن فَضَالة، عن الحسن، عن عمر: في رجلين وطِئا جارية في طهر واحد، فجاءت بغلام فُرُفِعَا إلى عمر، فدعا له بثلاثة من القافة، فاجتمعوا على أنه أخذ الشَّبَه منهما جميعاً، وكان عمر قائفاً، فقال: قد كانت الكلبة يتردّد عليها الأَسود، والأَصفر، والأَغرّ (٢) ، فتؤدي إلى كل كلب شَبَهه، ولم أكن أرى هذا في الناس، حتى رأيت هذا، فجعله عمر لهما يرثهما ويرثانِه، وهو للباقي منهما. وروى الطحاوي في «آثاره» عن سِمَاك ـ مولىً لآل مخزوم ـ قال: وقع رجلان على جارية في طُهر واحد، فَعَلِقت الجارية، فلم يُدر من أيهما هو، فأتيا علياً رضي الله عنه، فقال: هو بينكما يرثكما وترثانِه، وهو للباقي منكما. ورواه عبد الرزاق: أخبرنا سفيان الثوري، عن قابوس بن أبي ظَبْيان عن علي نحوه.

فصل في الوَلاءِ

وهو بفتح الواو والمد مشتقٌ من الوِلَايَةِ وهو المقاربة.

وفي الشرع: عبارة عن عَصَبةٍ مُتَرَاخية عن عُصوبةِ النَّسبِ، يرث بها المُعتِق، ويلي أمر النكاح، والصلاة عليه، وهو نوعان: وَلاءُ عَتَاقةٍ، ويُسمّى ولاءَ


(١) القطيفة: دثارٌ - أي الثوب الخارجي - مخمل. المغرب في ترتيب المعرب ٢/ ١٨٧، مادة (قطف).
(٢) هكذا في المطبوع، والأغر: الأبيض من كل شيء. القاموس المحيط ص ٥٧٧، مادة (غرر). وفي المخطوط: "الأتمر"، ومعناه: ما فيه نُمْرَةٌ - النُّكْتَةُ من أي لون كان - بيضاء وأخرى سوداء. القاموس المحيط ص ٦٢٧، مادة "نمر". والمثبت أصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>