للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصلُ [في القِرَانِ]

===

ثُم عند أَبي حنيفةَ ومحمد أَصْلُ إِحرامه باقٍ ويتحللُ بأَفعالِ العمرةِ. وعند أَبي يوسف ينقلبُ إِحرامُه للعُمرة، لأَن أَفعال العمرةِ بإِحْرامِ غيرها غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ. ولهما أَنَّ قَلْبَ إِحرام الحجِّ للعمرةِ غيرُ مُمْكِن. ولو كان فائتُ الحجِّ قَارِناً طافَ طوافَيْنِ وسَعَى سَعْيَيْنِ إِنْ فاتَه الحَجُّ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّي العمرةَ، وإِلاَّ فهو كالمُفْرِدِ.

هذا، وقال في «الهداية»: ومَنْ قَلَّد بَدَنة تَطَوُّعاً، أَوْ نَذْراً، أَوْ جزاءَ صيدٍ، أَوْ شيئاً مِنَ الأَشياءِ وتوجّه معها يريد الحجّ فقد أَحرم، لقوله صلى الله عليه وسلم «مَنْ قَلَّدَ بدَنَةً فَقَدْ أَحْرَم». وفيه أَنَّ هذا اللفظ رَفْعُه غيرُ مَعْرُوفٍ. ورواه ابن أَبي شَيْبَةَ عن ابنِ عمر مِنْ قوله: مَنْ قَلَّدَ بَدَنَةً فقد أَحْرَمَ». وعن ابن عباس أَيضاً مِنْ قوله: مَنْ قَلَّدَ وأَحلل أَوْ أَشْعَرَ فَقَد أَحْرَمَ. نعم روى الطحاوي بِسندِه عن جابر بن عبد الله قال: كنتُ عندَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم جَالِساً في المسجد فَقَدَّ قَمِيصَهُ مِنْ جيبه حتى أَخرَجَهُ مِنْ رِجْلَيْهِ، فنظرَ القومُ إِلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: «إِنِّي أَمَرْتُ بِبُدْني التي بَعَثْتُ بها أَنْ تُقَلَّدَ اليوم (أَوْ) (١) تُشْعَرَ على كذا وكذا، فلبِسْت قميصي ونسيت، فلم أَكُنْ لأُخْرِجَ قميصي مِنْ رأْسي». وكان يبعث بُبْدنِهِ وأَقامَ بالمدينة.

والحديث ضعيفٌ باتفاقِ المحققين، ومُعَارِضٌ لِمَا صَحَّ عِنْد المُحَدِّثِينَ، فروى الشيخانِ عن عائشةَ أَنها قالت: (أَنا) (٢) فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْي النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَ بها مع أَبي، فلم يَحْرُمْ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم شيءٌ أَحل اللهُ له حتى نُحِرَ الهَدْيُ. ذَكَرَتْهُ ردّاً على ابن عباس في قوله: مَنْ أَهْدَى هَدْياً حَرُمَ عليه ما يَحْرُمُ على الحاج حتى يَنْحَرَ هَدْيَه. والله أَعلم.

فصل (في القِرَان)

القران أَفْضَلُ مُطْلَقاً، أَي مِمَّا عَدَاه وهو الإِفْراد والتمتع (٣) . وقال مالك والشافعيّ في قولٍ لهما: الإِفْراد أَفْضل مطلقاً. وقال أَحمد: التمتّع أَفْضل مطلقاً، وهو قول مالك، لما في «الصحيحين» عن ابن عمر قال: تَمَتَّعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الوداعِ بالعُمْرةِ إِلى الحج وأَهْدَى، فساقَ معه الهَدْيَ مِنْ ذي الحُلَيْفَة، وبَدأَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فأَهَلَّ


(١) سقط من المطبوع.
(٢) سقط من المطبوع.
(٣) سيأتي بيانه ص: ٦٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>