(مِنَ الثُّلُث) وإِن كان التصرّف واقعاً (في الصِّحَّةِ. وَمَرَضٌ) هذا مبتدأ (صَحَّ) الموصِي (مِنْهُ) صفته، وخبره (كَالصِّحَّةِ) حتَّى إِنْ تصرُّفَاته المنجَّزة فيه تكون من كل ماله، لأنه ببرئه يتبيَّن أَنه لا حقّ لأحدٍ في ماله.
(وإِعْتَاقُهُ) مبتدأ، أَي إِعتاق المريض مرض الموت عبداً له (وَمُحَابَاتُهُ) أَي بيعه بنقصانٍ كثيرٍ، أَوْ شراؤه بزيادةٍ كثيرةٍ (وَهِبَتُهُ وَضَمَانُهُ وَصِّيَّةٌ) خبر، أَي كالوصية في أَنها تُعْتبر من الثلث، ويضرب بها مع أَصحاب الوصايا. ولا يريد حقيقة الوصية، لأنها إِيجابٌ بعد الموت، وهذه الأشياء منجّزة قبله، وإِنَّما اعْتُبِرَتْ من الثُّلث لتعلّق حقّ الورثة بماله، فصار محجوراً عليه في الزائد على الثلث. وهذا في غير الضمان ظاهرٌ، وأَمّا في الضمان، فلأن المريض تبرّع ابتداءً بإِيجابه على نفسه، فيتهم فيه كما في الهبة.
فصلٌ
(جَارُهُ: مَنْ لَصِقَ دَارُهُ بِهِ) أي إذا أوصى لجاره صُرِفَ إلى الملاصق لداره، فإنه هو المُسْتَعْمَل عرفاً وشرعاً، وهذا عند أبي حنيفة وزُفَر، وهو القياس. وعندهما: إلى مَنْ يسكن محلّته، ويجتمع معه في مسجدها، لأنه جارٌ شرعاً. قال النبيّ صلى الله عليه وسلم:«لا صلاةَ لجارِ المسجدِ إلاّ في المسجد». رواه الدَّارقُطْنِي عن جابر وأبي هُرَيْرَة، والحاكم في «مستدركه»، وسكت عنه. وقال ابن حَزْم: هو الصحيح عن عليّ. والمعنى: لا صلاة كاملةً. وقال أحمد: لا صلاة صحيحةٌ، وفسَّر الجار بكلّ من سمع النداء. ثم يدخل فيه الجار الساكن والمالك، والذَّكر والأنثى، والمسلم والذميّ، ويدخل فيها الأرملة، لأن سكناها مضافةٌ إليها، ولا يدخل فيها التي لها زوجٌ، لأن سكناها مضافةٌ إلى زوجها، وهي تبعٌ له، فلم تكن جاراً حقيقةً.
(وَصِهْرُهُ: كَلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ عِرْسِهِ) أي امرأته، وهذا التفسير للصهر اختيار محمد وأبي عُبَيْد، وكذا كل ذي رَحِمٍ مَحْرَم عن زوجة ابنه وزوجة أبيه، وزوجة كل ذي رَحِمٍ مُحْرَم منه صهر. وقال الحَلْواني: أبو المرأة وأمها، ولا يسمّى غيرهما صِهْرا.
والأول هو الصحيح، لما في «مسند أحمد والبزّار وابن رَاهُويَه» عن عائشة