للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولَزِمَ النَّفْلُ بالشُّرُوعِ، إلَّا بِظَنِّ أنَّهُ عَلَيْهِ

===

دونها أولى، وصارت كالركوع. وما رُوي عن سجود النبيّ صلى الله عليه وسلم شكراً إذا رأى مُبْتَلىً أو جاء خبر يَسُرّه، كان في مبدأ الإسلام، ثم نُسِخَ بالنهي عن البُتَيْرَاء.

وقال أَبو يوسف، ومحمد، ووافقهما الشافعي: هي قُرْبة لقول سعد بن أبي وَقَّاصٍ: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة نريد المدينة، فلما كنَّا قريباً من عزَوَرَ (١) نزل، ثم رفع يديه فدعا الله ساعة ثم خرَّ ساجداً، فمكث طويلاً ثم قام، فرفع يديه ساعةً، ثم خرَّ ساجداً، فمكث طويلاً، ثم قام، فرفع يديه ساعة. ثم خرَّ ساجداً. قال: «إني سألت ربي وشفعت لأمتي، فأعطاني ثلث أمتي، فخررت ساجداً لربي، ثم رفعت رأسي فسألت وشَفَعْتُ لأُمّتِي، فأعطاني الثلث الآخر، فخررت ساجداً لربي، ثم رفعت رأسي فسألت وشفعت لأُمَّتِي، فأعطاني الثلث الآخر، فخررت ساجداً لربي». رواه أحمد، وأبو داود.

(لو أفسد نفلاً لزمه قضاؤه)

(ولَزِمَ النَّفْلُ بالشُّرُوعِ) أي في الصلاة ونحوها، حتى لو أفسده لزمه قضاؤه لقوله تعالى: {ولا تُبْطِلُوا أَعْمالكُمْ} (٢) ، ولأنه عبادة شُرِعَ فيها. فلزم إتمامها وقضاؤها عند إفسادها، كالحج والعُمْرَة إجماعاً لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ والعُمْرَة} (٣) خلافاً للشافعيّ (ومالك) (٤) في غيرهما.

(إلاَّ بِظَنِّ أنَّهُ) أي النفل من الصلاة والصوم دون الحج والعُمْرة (عَلَيْهِ) أي لازم أو باق لديه. مثل أنْ يشرع في الظهر فيذكر أنه قد صلاه، لأنه شرع فيه مسقِطاً له لا ملتزماً. وعند زُفَر: يجب عليه القضاء قياساً على سائر النوافل، كذا في الحصر (٥) . وأما في النفل فبالعكس. في «القِنْيَة» قال ظهير الدين المَرْغِينَاني: شَرَع في السُّنة، ثم تذكر أنه أداها فقطعها، فعليه القضاء، وقال صاحب «المحيط»: بخلافه، ولو شرع في النفل عند الغروب أو الطلوع، لزمه في ظاهر الرواية. ورُوِيَ عن أبي حنيفة أنه لا يلزمه اعتباراً بالشروع في الصوم في الأيام المنهي عنه فيها. وَوَجْهُهُ: أنه يكون صائماً بنفس الشروع، فيصير مرتكباً للنهيّ فيجب إبطاله، ولا يكون مُصَلِّياً حتى يسجد. ولهذا


(١) عَزْوَر: موضع أو ماء قريب من مكة. مراصد الاطلاع ٢/ ٩٣٨.
(٢) سورة محمد، الآية: (٣٣).
(٣) سورة البقرة، الآية: (١٩٦).
(٤) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط.
(٥) أي الإِحصار في الحج، حيث يجب عليه القضاء ولو كان مُتَنَفِّلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>