للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بَيْعُ الفُضُولي]

وَلِمَالِكٍ بَاعَ غَيْرُهُ مِلْكَهُ فَسْخُهُ، وَلَهُ إجَازَتُهُ إنْ بَقِيَ العَاقِدَانِ وَالمَبِيعُ، وَكَذَا إنْ بَقِيَ الثَّمَنُ عَرْضًا،

===

(بَيْعُ الفُضُولي)

(وَلِمَالِكٍ بَاعَ غَيْرُهُ) بالرفع فاعل باع (مِلكَهُ) بالنصب على أنه مفعول باع أي ملك المالك. والمعنى: إذا باع شخصٌ ملك غيره انعقد بيعه، وبه قال مالك، وهو بيع الفُضُوليّ، ولمالكه (فَسْخُهُ) أي فسخ البيع، وهو مبتدأ خبره الظرف المقدّم.

(وَلَهُ) أي للمالك (إجَازَتُهُ إنْ بَقِيَ العَاقِدَانِ) والمقعود له وهو المالك (وَالمَبِيعُ وَكَذَا إنْ بَقِيَ الثَّمَنُ) حال كونه (عَرْضاً) (١) لأنّه مبيع من وجهٍ. وقال الشّافعيّ في الجديد، وأحمد في روايةٍ: لا ينعقد لأنّه أضاف ذلك المبيع إلى محلٍ لا ولاية له عليه، لأنّها تكون بالملك المطلق للتّصرفات، أو بإذن المالك الذي له ولاية التّصرّف، ولم يوجد واحدٌ منهما فيلغو.

والتّصرّف الشرعيّ كما يتوقّف على الأهل والمحل، يتوقّف على الولاية الشرعية، فإذا فاتت لا ينعقد. ولأنّ بيع الآبق لا ينعقد مع كونه مملوكاً لعدم القدرة على تسليمه، فما لا يملكه البائع أولى. ولنا ما رُوِيَ عن عُرْوَة وغيره: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم دفع إلى عُرْوَة البَارِقِيّ ديناراً ليشتري به شاةً للأُضْحِيَةِ، فاشترى به شاتين وباع إحداهما بدينارٍ، وجاء بشاةٍ ودينارٍ إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسّلام: «بارك الله لك في صَفْقة يمينك» (٢) . ووجه الدّلالة: أنّ عُرْوَة باع الشاة الثانية من غير إذن النبيّ صلى الله عليه وسلم، وقد أجازه عليه الصلاة والسّلام.

وروى الطَّبرانِيّ في «معجمه» والترمذيّ في «جامعه» مثل هذا عن حَكِيم بن حِزَام: إلاّ أنّ حكيماً أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ديناراً ليشتري به أُضْحية، فاشترى أضْحِيةً، بدينارٍ فباعها بدينارين، ثم اشترى أضحية بدينارٍ (وجاءه بدينارٍ) (٣) وأضحيةٍ، فتصدّق رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدّينار ودعا له بالبركة. ولأنَّ هذا تصرّف صدر من أهله، لأنّه عاقلٌ بالغٌ، مضافاً إلى محله لأنّه مالٌ متقوّمٌ، ولا ضرر في انعقاده على المالك، لأنّه مخيّرٌ، فإن رأى فيه مصلحةً أجازه وإلاّ فسخه، فينعقد ويتوقّف نفوذه


(١) العَرْض: المتاع. أو كلُّ شئٍ سوى الدراهم والدنانير. المعجم الوسيط. ص ٥٩٤، مادة (عرض).
(٢) أخرجه الترمذي ٣/ ٥٥٩، كتاب البيوع (١٢)، باب (٣٤)، رقم (١٢٥٨)، وقد أثبت في المخطوط بدل "صفقة يمينك" صفقتك وفي المطبوع، صنعتك. والصواب ما أثبتناه.
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>